للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• وجه الدلالة: دلت الأحاديث على أن العزل كان على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأنه لا يكون إلا بإذن الحرة، وأن الجماع من حقها، فلا يكون العزل إلا بإذنها (١).

• الخلاف في المسألة: أولًا: ذهب الشافعية في أحد الوجهين (٢)، والحنابلة في قول (٣)، وابن حزم (٤)، إلى منْع العزل مطلقًا، سواء أذنت أم لا.

وروي ذلك عن أبي بكر، وعمر، وعلي، وابن عمر، وابن مسعود -رضي اللَّه عنه- (٥).

• دليل هذا القول: عن جدامة بنت وهب (٦) قالت: حضرت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في أناس، فسألوه عن العزل، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ذلك الوأد الخفي" (٧).

• وجه الدلالة: كل شيء أصله الإباحة حتى يأتي ما ينقله إلى التحريم، والعزل كان مباحًا فجاء ما ينقله إلى التحريم، بنص هذا الحديث (٨).

ثانيًا: لا يحرم على الرجل أن يعزل عن امرأته الحرة، سواء أذنت أم لم تأذن، وهو قول لبعض متأخري الحنفية، خصوصًا عند فساد الزمان (٩)، والشافعية في الوجه


(١) "التمهيد" (٣/ ١٤٨).
(٢) "العزيز شرح الوجيز" (٨/ ١٧٩)، "روضة الطالبين" (٦/ ١٩٤).
(٣) "الإنصاف" (٨/ ٣٤٨)، "الفروع" (٥/ ٣٣٠).
(٤) "المحلى" (٩/ ٢٢٢).
(٥) "الإشراف" (١/ ١٣٧)، "المغني" (١٠/ ٢٢٨)، المحلي (٩/ ٢٢٤).
(٦) هي جدامة بنت وهب الأسدية، من بني أسد بن خزيمة، أسلمت بمكة، وبايعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهاجرت مع قومها إلى المدينة، روت عنها عائشة أم المؤمنين. انظر ترجمتها في: "أسد الغابة" (٧/ ٤٩)، "الإصابة" (٨/ ٤٩).
(٧) أخرجه مسلم (١٤٤٢) "شرح النووي" (١٠/ ١٥).
(٨) "المحلى" (٩/ ٢٢٣). يرى ابن حزم أن هذا الحديث ناسخ لجميع الأحاديث الواردة في إباحة العزل؛ لأن الوأد محرّم، والعزل من الوأد بنص هذا الحديث، فيكون ناسخًا للإباحة في العزل.
قال ابن حجر: الظاهر أن حديث جدامة بنت وهب هو المنسوخ، فقد روى أصحاب السنن من حديث أبي سعيد أنه قيل لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: إن اليهود زعموا أن العزل هو الموءودة الصغرى، فقال: "كذبت يهود، لو أراد اللَّه أن يخلقه لم يستطع أن يصرفه". وعكسه ابن حزم. انظر: "المحلى" (٩/ ٢٢٣)، "التلخيص الحبير" (٣/ ١٨٨).
(٩) "فتح القدير" (٣/ ٤٠١) "حاشية ابن عابدين" (٤/ ٣٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>