للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مستمر الحكم غير منسوخ، وافق عليه ابن حزم (١)، وهو قول عمر، وعثمان، وعلي، وغيرهم من الصحابة -رضي اللَّه عنه- (٢).

• مستند الإجماع:

١ - قال تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة: الآية ٢٢٩].

• وجه الدلالة: إذا خاف الزوجان ألا يقيما ما افترضه اللَّه لكل واحد منهما من الحقوق لصاحبه، فلا جناح على المرأة فيما افتدت به نفسها من زوجها، ولا حرج على الزوج فيما أخذ منها (٣).

٢ - عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- أن امرأة ثابت بن قيس (٤) أتت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقالت: يا رسول اللَّه، ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أتردين عليه حديقته؟ ". قالت: نعم. قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اقبل الحديقة، وطلقها تطليقة" (٥)،

• وجه الدلالة: هذا نص من سنة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يبين مشروعية الخلع، وأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أرشد ثابتًا بقبول الحديقة على أن يفارق زوجته.

٣ - إذا جاز أن يملك الزوج البضع بعوض، جاز أن يزيل ملكه عنه بعوض، كالشراء والبيع، فيكون عقد النكاح كالشراء، والخلع كالبيع (٦).

• الخلاف في المسألة: خالف بكر بن عبد اللَّه المزني؛ فقال: الخلع منسوخ.

أدلة هذا القول: قال بكر بن عبد اللَّه المزني: قوله تعالى: {خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: الآية ٢٢٩] منسوخ بقوله تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (٢٠)} [النساء: الآية ٢٠].


(١) "المحلى" (٩/ ٥١١).
(٢) "المغني" (١٠/ ٢٦٨).
(٣) "تفسير الطبري" (٢/ ٤٦٦، ٤٦٧).
(٤) هو ثابت بن قيس بن شمَّاس بن زهير، الخزرجي، الأنصاري، كان خطيب الأنصار، وخطيب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، مثل حسان بن ثابت، شهد أُحدًا وما بعدها من المشاهد، بشّره النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بالجنة، وقُتل شهيدًا يوم اليمامة، في خلافة أبي بكر الصديق -صلى اللَّه عليه وسلم-. انظر ترجمته في: "أسد الغابة" (١/ ٤٥٢)، "الإصابة" (١/ ٥١١).
(٥) أخرجه البخاري (٥٢٧٣) (٦/ ٢٠٨).
(٦) "الحاوي" (١٢/ ٢٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>