للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رواية عنه أيضًا (١) إلى أن ذلك لها على التراخي، ما لم يبطله الزوج أو يطأها. وقال به الزهري، وقتادة، وأبو عبيد (٢)، وابن المنذر (٣).

• دليل هذا القول: عن عائشة -رضي اللَّه عنها- قالت: لما أُمر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بتخيير أزواجه بدأ بي فقال: "إني ذاكر لك أمرًا؛ فلا عليك أن لا تتعجلي حتى تستأمري أبويك"، قالت: وقد علم أن أبوي لم يكونا يأمراني بفراقه، قالت: ثم قال: "إن اللَّه جل ثناؤه قال: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا} إلى {أَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: ٢٨ - ٢٩] "، قالت: فقلت: ففي أي هذا أستأمر أبويّ؛ فإني أريد اللَّه ورسوله والدار الآخرة، قالت: ثم فعل أزواج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ما فعلت (٤).

• وجه الدلالة: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لما جعل لها أن تستشير أبويها دل ذلك على أن الخيار لها على التراخي (٥).

ثانيًا: يرى ابن حزم أنه ليس هناك تخيير، ومن فعله لم يكن شيئًا، سواء اختارت نفسها، أو اختارت الطلاق (٦).

وعلى قول ابن حزم لا اعتبار للخلاف السابق عنده، سواء في قول من قال: الخيار لها في المجلس فقط، أم من قال لها ذلك بعده.

• دليل هذا القول: قال تعالى {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (٢٨)} [الأحزاب: الآية ٢٨].

• وجه الدلالة: نص اللَّه سبحانه وتعالى أن نساء النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إن أردن الدنيا، ولم يردن الآخرة، فإنهن يطلقن حينئذٍ من قِبَله -صلى اللَّه عليه وسلم- مختارًا لذلك (٧).

النتيجة: عدم تحقق الإجماع على أن من خير امرأته أن لها الخيار في المجلس؛ وذلك لما يلي:

١ - وجود خلاف عن الإمام مالك في رواية عنه، وعن الإمام أحمد في رواية عنه


(١) "الكافي" (٤/ ٤٤٨)، "الإنصاف" (٨/ ٤٩٣).
(٢) "الإشراف" (١/ ١٥٧)، "المغني" (١٠/ ٣٨٧).
(٣) "الإقناع" لابن المنذر (ص ٢٤٣).
(٤) سبق تخريجه.
(٥) "المغني" (١٠/ ٣٨٧ - ٣٨٨)، "فتح القدير" (٤/ ٧٦).
(٦) "المحلى" (٩/ ٢٩١).
(٧) "المحلى" (٩/ ٣٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>