للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• الخلاف في المسألة: روي عن علي، وابن عباس -رضي اللَّه عنهما- في رواية عنه؛ أنهما قالا: إذا توفي الرجل عن زوجته الحامل فإنها تعتد بأبعد الأجلين، فإن كان وضع الحمل هو الأبعد في العدة اعتدت به، وإن كانت الأربعة أشهر وعشر هي الأبعد اعتدت بها (١). وقال بهذا القول سحنون من المالكية (٢).

• أدلة هذا القول:

١ - قال تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤].

• وجه الدلالة الاعتداد بوضع الحمل إنما ذكر بعد الطلاق لا في عدة الوفاة بناءً على قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ} [الطلاق: ١] فكان المراد بأولات الأحمال المطلقات دون غيرهن (٣).

٢ - أن في الاعتداد بالحمل جمعًا بين قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: ٢٣٤] وقوله تعالى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤]؛ لأن فيه عملًا بآية عدة الحمل؛ إن كان أجل تلك العدة أبعد، وعملًا بعدة الوفاة؛ إن كان أجلها أبعد (٤).

النتيجة: تحقق الإجماع على أن عدة الحامل المتوفى عنها زوجها تنتهي بوضع الحمل؛ والذي يدعو إلى القول بتحقق الإجماع الأسباب التالية:

١ - ما ورد عن سبيعة الأسلمية أنها حلت بوضعها بعد وفاة زوجها بليال، وقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لها بأنها قد حلت. والقصة صحيحة وردت في الصحيحين.

٢ - ما ورد عن علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه- في أنها تعتد بأبعد الأجلين جاء عنه من وجه منقطع لا يصح عنه (٥). قال ابن عبد البر: "بينت السنة المراد في المتوفى عنها الحامل؛ لحديث سبيعة، ولو بلغت السنة عليًّا ما عدا القول فيها" (٦).

٣ - ما ورد عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- فقد ثبت رجوعه إلى القول بأنها تعتد بوضع الحمل لما سمع بحديث سبيعة، وصحح ذلك عنه أصحابه عكرمة، وعطاء، وطاوس، وجابر


(١) "الإشراف" (١/ ٢٥٧)، "الحاوي" (١٤/ ٢٧٠)، "المغني" (١١/ ٢٢٨).
(٢) "إكمال المعلم" (٥/ ٦٤).
(٣) "بدائع الصنائع" (٤/ ٤٣١).
(٤) "بدائع الصنائع" (٤/ ٤٣١).
(٥) "المغني" (١١/ ٢٢٧).
(٦) "الاستذكار" (٦/ ٢١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>