للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• وجه الدلالة: حيث ذكر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن الأعمال بالنيات، والنيات محلها القلب، ولم يبين في الحديث أنه يجب مع النية التلفظُ، مع الحاجة لبيانه لو كانت لازمة، فدل ترك البيان على عدم لزوم التلفظ، واللَّه تعالى أعلم.

٢ - عدم وجود نص يُلزم بالتلفظ، أو حتى على استحبابه، فلم ينقل عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا عن أصحابه، ولا أمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أحدًا من أمته أن يتلفظ بالنية، ولا علَّم أحدًا من المسلمين (١)، ولذلك أنكره عدد من أهل العلم، منهم ابن تيمية (٢).

• الخلاف في المسألة: خالف أبو عبد اللَّه الزبيري من الشافعية في هذه المسألة، فقال: لا بد من الجمع بين نية القلب ولفظ اللسان (٣).

وقال الماوردي عن هذا القول: "وهذا لا وجه له" (٤).

وخالف الشافعية في وجهٍ مشهورٍ عندهم بأن نية الصلاة تجب باللفظ والقلب معًا، وغلّطه النووي، ونَقَل عن الماوردي، أنه أشار إلى جريانه في الوضوء، وقال النووي بعده: "هو أشذّ وأضعف" (٥).

وهذا القول يعني أنه لا يجزئ إلا إذا جمع بين اللفظ بالنية والعزم بالقلب.

وليس لهؤلاء دليل، وهو قول شاذ لا يدعمه دليل، وقد صلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وصحابته بالناس، ولم يذكر أحد عنهم أنهم كانوا يتلفظون بشيء من ذلك، ولو كانوا يفعلونه لنقل، فضلًا عن أن يلتزموا به، ولم يُذكر هذا القول عن أحد من السلف، ولا ممن يعتد بقولهم، ومن نسبه للشافعي فقد غلط، كما قال النووي (٦).

النتيجة: أن الاتفاق متحقق؛ لعدم وجود المخالف المعتبر في المسألة، وإن كان وجهًا مشهورًا للشافعية، إلا أنه لم يذكر عن السلف خلاف في المسألة، ولم يشتهر الخلاف إلا عند المتأخرين، فخلافهم أتى بعد الإجماع، فلا عبرة به، واللَّه تعالى أعلم.


= (ح ١٩٠٧)، (٣/ ١٥١٥).
(١) "الفتاوى الكبرى" (١/ ٢١٤).
(٢) انظر: "الفتاوى الكبرى" (١/ ٢١٤)، و"الفروع" (١/ ١٣٩).
(٣) "الحاوي" (١/ ١٠٦).
(٤) "الحاوي" (١/ ١٠٦).
(٥) "المجموع" (١/ ٣٥٩).
(٦) وانظر: كلام ابن تيمية في "الفتاوى الكبرى" (١/ ٢١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>