كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي - ط الفضيلة

الفصل الخامس: مسائل الإجماع في الرضاع - [١٥ - ٤٣٥] التحريم بلبن الفحل - ج: 3 - ص: 759

٢ - عن عمرة (١) أن عائشة أخبرتها أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان عندها، وأنها سمعت صوت رجل يستأذن في بيت حفصة. قالت عائشة: فقلت: يا رسول اللَّه، هذا رجل يستأذن في بيتك. فقال: "أراه فلانًا" لِعَمِّ حفصة من الرضاعة، فقالت عائشة: يا رسول اللَّه، لو كان فلان حيًّا -لعمها من الرضاعة- دخل عليَّ؟ قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "نعم، إن الرضاعة تُحَرِّمُ ما تُحَرِّم الولادة" (٢).

• الخلاف في المسألة: ذهب عبد اللَّه بن عمر، وجابر (٣)، وعبد اللَّه بن الزبير، ورافع بن خديج، وزينب بنت أبي سلمة -رضي اللَّه عنهم- (٤) إلى أنه لا يقع التحريم بلبن الفحل (٥). وهو قول سعيد بن المسيب، وسالم بن عبد اللَّه، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، وعطاء بن يسار (٦)، وأخيه سليمان بن يسار، والنخعي، وأبي قلابة (٧)، وداود، وإياس بن معاوية (٨)، وربيعة الرأي، وإسماعيل ابن عُلَيَّة، وكان عبد الملك بن مروان يقضي بذلك (٩).

• أدلة هذا القول:

١ - قال تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: ٢٣].

• وجه الدلالة: ذكر اللَّه -سبحانه وتعالى- التحريم بالرضاعة ما كان من

---

(١) هي عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية، نشأت في حجر عائشة، وأكثرت الرواية عنها. قال ابن معين: ثقة حجة، وذُكرت عنده ففخم أهرها، وقال: عمرة أحد الثقات العلماء بعائشة الإثبات فيها. وقال العجلي: مدنية تابعية ثقة. توفيت سنة (٩٨ هـ). انظر ترجمتها في: "تهذيب التهذيب" (١٢/ ٤٦٦)، "شذرات الذهب" (١/ ١١٤).
(٢) أخرجه البخاري (٥٠٩٩) (٦/ ١٥٢)، ومسلم (١٤٤٤) "شرح النووي" (١٠/ ١٧).
(٣) "المحلى" (١٠/ ١٧٩)، "الاستذكار" (٦/ ٢٤٥).
(٤) "فتح الباري" (٩/ ١٨٣).
(٥) "المغني" (٩/ ٥٢١)، "زاد المعاد" (٥/ ٥٦١).
(٦) هو أبو محمد عطاء بن يسار الهلالي المدني الفقيه، مولى ميمونة أم المؤمنين، روى عن كبار الصحابة، ثقة فاضل صاحب مواعظ وعبادة، وكان قاضيًا بالمدينة، توفي سنة (١٠٣ هـ). انظر ترجمته في: "تقريب التهذيب" (١/ ٣٩٢)، "شذرات الذهب" (١/ ١٢٥).
(٧) "الإشراف" (١/ ٩٥)، "المغني" (٩/ ٥٢١)، "زاد المعاد" (٥/ ٥٦١).
(٨) هو أبو واثلة إياس بن معاوية بن قرة المزني البصري، قاضي البصرة، ولجده صحبة، قال ابن معين والنسائي: ثقة. وكان فقيهًا عفيفًا، مات سنة (١٢٢ هـ). انظر ترجمته في: "تهذيب التهذيب" ١/ ٣٤١)، "شذرات الذهب" (١/ ١٦٠).
(٩) "الاستذكار" (٦/ ٢٤٥)، "فتح الباري" (٩/ ١٨٣).