للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أن حق الأم في الحضانة لا يسقط ما لم يطالب أب الغلام به، أو أن لا يرضى زوج المرأة بحضانتها -وافق عليه الحنفية (١)، والمالكية (٢)، والشافعية في أحد الوجهين (٣)، وابن حزم (٤). وهو قول الحسن البصري (٥).

• مستند الاتفاق:

١ - عن أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه- قال: قدم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- المدينة، ليس له خادم، فأخذ أبو طلحة (٦) بيدي، فانطلق بي إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: يَا رسول اللَّه، إن أنسًا غلام كيِّس فليخدمك، قال: فخدمته في السفر والحضر، ما قال لشيء صنعته: لم صنت هذا هكذا؟ ولا لشيء لم أصنعه: لِمَ لمْ تصنع هذا هكذا؟ (٧).

• وجه الدلالة: هذا أنس بن مالك عند أبي طلحة زوج أمه، فبقي حق الأم في حضانته؛ لأن أحدًا من أقارب أنس لم ينازع فيه (٨).

٢ - أن سقوط الحضانة بالنكاح هو مراعاة لحق الزوج، فإنه يتنغص عليه الاستمتاع المطلوب من المرأة لحضانتها لولد غيره، ويتنكد عليه عيشه مع المرأة، فقد لا يؤمن وقوع الخلاف بينه وبين امرأته بسبب الطفل (٩).

• الخلاف في المسألة: ذهب الشافعية في وجه إلى أن الأم إذا تزوجت سقط حقها في الحضانة، وإن مكنها الزوج من ذلك؛ إلا أن يكون عصبة للولد.

• دليل هذا القول:

١ - قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أنتِ أحق به ما لم تنكحي" (١٠).

• وجه الدلالة: هذا نص في سقوط حق الأم في الحضانة إذا تزوجت، دون تبيين لرضا الزوج أو عدمه (١١).


(١) "المبسوط" (٥/ ٢١٠)، "حاشية ابن عابدين" (٥/ ٢٥٧).
(٢) "القوانين الفقهية" (ص ٢٢٦)، "حاشية الدسوقي" (٢/ ٨٣٢).
(٣) "الحاوي" (١٥/ ١٠٨)، "الوسيط" (٦/ ٢٣٩).
(٤) "المحلى" (١٠/ ١٤٣).
(٥) "مصنف ابن أبي شيبة" (٤/ ١٧٩)، "زاد المعاد" (٥/ ٤٥٥)، "البناية شرح الهداية" (٥/ ٦٤٧).
(٦) هو أبو طلحة زيد بن سهل الأنصاري، شهد العقبة، وبدرًا، والمشاهد كلها مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو زوج أم سليم، أم أنس، اختلف في وفاته، والراجح أنه تُوفِّي سنة (٥١ هـ). انظر ترجمته في: "أسد الغابة" (٦/ ١٧٨)، "الإصابة" (٢/ ٥٠٢).
(٧) أخرجه البخاري (٢٧٦٨) (٣/ ٢٥٧)، ومسلم (٢٣٠٩) "شرح النووي" (١٥/ ٥٩).
(٨) "زاد المعاد" (٥/ ٤٥٧).
(٩) "زاد المعاد" (٥/ ٤٨٤).
(١٠) سبق تخريجه.
(١١) "الحاوي" (١٥/ ١٠٨)، "العزيز شرح الوجيز" (١٠/ ٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>