للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقدامهما-: إن بعض هذه الأقدام من بعض" (١).

• وجه الدلالة: دل الحديث على جواز الاعتماد على القافة، وإلا ما سر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا اعتمد عليه (٢).

٢ - كان عمر بن الخطاب يليط (٣) أولاد الجاهلية (٤) بمن يدعيهم في الإسلام، فأتى عمر رجلان كلاهما يدعي ولد امرأة، فدعا عمر قائفًا، فنظر إليهما، فقال: لقد اشتركا فيه. فضربه عمر بالدرة. ثم دعا المرأة فقال: أخبريني خبرك، فقالت: كان هذا -لأحد الرجلين- يأتيني، وهي في إبل لأهلها، فلا يفارقها حتى تظن، ويظن أنه قد استمر بها حبل، ثم انصرف عنها، فأهريقت عليه دمًا، ثم خلف عليها هذا -تعني الآخر- فلا أدري من أيهما هو؟ فكبر القائف. فقال عمر للغلام: وال أيهما شئت (٥).

• وجه الدلالة: هذا عمر قضى بالقافة بمحضر من الصحابة، ولو لم يكن العمل بقول القائف لما أخذ به عمر (٦).

• الخلاف في المسألة: ذهب الحنفية إلى القول بعدم اعتبار القافة هنا، فإن قدم أحدهما علامة على جسده، وكانا مسلمين، فهو لصاحب العلامة، وإن لم يقدم أحدهما علامة، واستويا في الدعوى ولا مرجح فيها، فهو ابنهما جميعًا (٧). وهو قول عمر في الرواية الأخرى، وعلي -رضي اللَّه عنهما-، والنخعي، والثوري، وإسحاق بن راهويه (٨).

• أدلة هذا القول:

١ - عن أبي قلابة أن رجلين وقعا على امرأة في طهر واحد، فحملت، فنفست غلامًا، فأبصر القافة شبهه فيهما، فقال عمر: هذا أمر لا أقضي فيه شيئًا، ثم قال للغلام: اجعل نفسك حيث شئت (٩).


(١) أخرجه البخاري (٤/ ٢٠٠)، ومسلم (١٤٥٩) "شرح النووي" (١٠/ ٣٥).
(٢) "المغني" (٨/ ٣٧٢).
(٣) يليط، أي: يلحق في النسب. انظر: "الاستذكار" (٧/ ١٧١).
(٤) قال ابن عبد البر: كان عمر بن الخطاب يلحق أولاد الجاهلية بمن ادعاهم في الإسلام، وهذا كان خاصًا في ولادة الجاهلية، وأما في الإسلام فلا يجوز عند أحد من العلماء أن يلحق ولد من زنى. انظر: "الاستذكار" (٧/ ١٧٢).
(٥) أخرجه مالك في "الموطأ" (ص ٥٦٨)، والبيهقي في "الكبرى" (١٠/ ٢٦٣)، وصححه الألباني. انظر: "إرواء الغليل" (٦/ ٢٥).
(٦) "المغني" (٨/ ٣٧٢).
(٧) "بدائع الصنائع" (٨/ ٣٢٤)، "فتح القدير" (٦/ ١١٣).
(٨) "مصنف عبد الرزاق" (٧/ ٣٦٠)، "شرح مسلم، (١٠/ ٣٦).
(٩) أخرجه عبد الرزاق في "المصنّف" (١٣٤٧٨) (٧/ ٣٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>