للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المال؛ لأن القرض وثمن البيع يدخل في المداينة" (١).

ب - دليل مشروعية المداينات:

ذكر بعض المعاصرين: إن المداينة لم تكن مشروعة في أول الإسلام لأجل الضيق فلما فتحت الفتوحات شرعت للتمكن من الأداء حينئذ.

ومن قال ذلك يرى أن دليل عدم المشروعية في أول الأمر رفضُه -صلى اللَّه عليه وسلم- الصلاةَ على الجنائز التى كان على أصحابها ديونٌ، حتى يضمن ضامن أداء هذا الدين؛ فيصلى عليه -صلى اللَّه عليه وسلم- حينئذ.

وقد ساق القرافي ت ٦٨٤ هـ، عدة أحاديث في ذلك الأمر (٢)، منها حديث سلمة بن الأكوع (٣)، ثم قال: "فائدة: امتناعه -صلى اللَّه عليه وسلم- من الصلاة؛ يدل على أن الميت كان عاصيًا بسبب الدين، مع أن المداينة جائزة، ولا سيما وفي بعض الأحاديث: (الآن بردت جلدة صاحبك) (٤). ويدل أيضًا على أن هذا الذنب كبيرة، فإن هذا الزجر العظيم إنما يكون بسبب كبيرة، وإلا فما من ميت إلا وله صغيرة بل صغائر.

وأجاب العلماء عنه بأربعة أجوبة:

أحدها: أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- فعل ذلك إحسانًا لا زجرًا؛ ليبادر الناس إلى قضاء الدين عن المعسر.


(١) اختلاف الفقهاء: (١/ ٢٤٠) - للإمام أبي جعفر محمد بن جرير بن يزيد بن كثير الطبري.
(٢) الذخيرة: (٩/ ٢٠٢).
(٣) البخاري (٢/ ٧٩٩، رقم: ٢١٦٨) عن سلمة بن الأكوع رضي اللَّه عنه ضمن حديث طويل، وفيه: ثم أتي [أي النبي صلى اللَّه عليه وسلم] بـ الثالثة [أي بالجنازة الثالثة] فقالوا: صلِّ عليها. قال: "هل ترك شيئًا؟ " قالوا: لا. قال: "فهل عليه دين؟ " قالوا: ثلاثة دنانير. قال: "صلوا على صاحبكم". قال أبو قتادة: صل عليه يا رسول اللَّه، وعلى دينه فصلى عليه.
(٤) لم أجده بهذا اللفظ، وإنما بلفظ: "الآن برَّدْتَ عليه جلدَه"، كما في: مسند أحمد: (٣/ ٣٣٠). والمستدرك على الصحيحين: (٢/ ٦٦، رقم: ٢٣٤٦) - من طريق عبد اللَّه بن محمد ابن عقيل عن جابر كما عند أحمد. ثم قال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وأقره الذهبي فقال: "صحيح".

<<  <  ج: ص:  >  >>