للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرأس حتى في الغسل (١).

وقال العيني بعد تفريقه بين الغسل والمسح في الوضوء: "وفيه -تفسير المسح- ثبوت المسح، والشارع أوجب المسح" (٢).

وأقرب مسألة وجدتها لمسألتنا هي مسألة ما إذا نسي المتوضئ مسح رأسه، فأصابه ماء المطر مقدار ثلاثة أصابع، فمسحه بيده، أو لم يمسحه أجزأه عن مسح الرأس، وهي تفيد أن الغسل مجزئ عن المسح، إلا أن الإجزاء يقابله خلاف الأولى أو الكراهة كما قلنا.

فمما سبق نجد أن كلام الحنفية محتمل لقولين، وهو الكراهة أو خلاف الأولى، والمنع، ولهذا جعلت الكلام عن الحنفية في الموافقين؛ لأنه الأقرب دون جزمٍ؛ إذ أن المنع كراهة وزيادة، واللَّه تعالى أعلم.

• مستند الاتفاق:

١ - قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: ٦].

٢ - الأحاديث التي وصفت وضوء النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وذكرت أنه كان يمسح رأسه (٣).

• وجه الدلالة: أن الوارد في الشرع -سواء في الكتاب أو السنة- هو المسح للرأس، ولم يرد الغسل، وكل أمر في العبادات لم يأت به الشرع فالأصل فيه الحظر، ولكن لأن الغسل متضمن للمسح فيحمل على الكراهة فقط، واللَّه تعالى أعلم.

• الخلاف في المسألة: خالف المالكية في قولٍ (٤)، والشافعية في الوجه الثاني (٥)، بأنه لا يكره غسل الرأس بدل المسح.

واستدلوا بأن الغسل للرأس فيه مسح وزيادة، فلا يكون مكروهًا (٦).

النتيجة: أن الاتفاق غير متحقق؛ لوجود المخالف في المسألة، واللَّه تعالى أعلم.


(١) "تبيين الحقائق" (١/ ١٤).
(٢) "البناية" (١/ ١٦١).
(٣) سبق عدد منها، مثل حديث عثمان، وعبد اللَّه بن زيد وغيرهما.
(٤) "مواهب الجليل" (١/ ٢١١).
(٥) "المجموع" (١/ ٤٤١).
(٦) "مواهب الجليل" (١/ ٢١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>