للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال في موضع آخر: "مذهبنا أن دلك الأعضاء في الغسل، وفي الوضوء سنة ليس بواجب، فلو أفاض الماء عليه فوصل به، ولم يمسه بيديه، أو انغمس في ماء كثير، أو وقف تحت ميزاب، أو تحت المطر ناويًا، فوصل شعره وبشره؛ أجزأه وضوؤه وغسله، وبه قال العلماء كافة إلا مالكًا والمزني، فإنهما شرطاه في صحة الغسل والوضوء" (١).

والاستثناء الذي ذكره لا ينقض مسألتنا؛ إذ هو في التفصيلات، واشتراط الدلك.

العيني (٨٥٥ هـ) حيث يقول: "وأما أدلة الإجماع، فإنه لو انغمس في الماء بنية الوضوء أجزأه اتفاقًا" (٢).

• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الإجماع الحنفية عدا أبا يوسف (٣)، والمالكية (٤)، والحنابلة، ولكن بشرط أن يكون جاريًا؛ أو يتحرك قليلًا في الراكد، ويمسح رأسه، ويغسل قدميه بعده (٥).

• مستند الإجماع: قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لأبي ذر -رضي اللَّه عنه-: "فإذا وجدت الماء فأمسّه جلدك" (٦).

• وجه الدلالة: إن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أمره بإمساس الماء، ولم يأمره بزيادة، فدل على كفاية إمساس الماء، كما في مسألتنا (٧).

• الخلاف في المسألة: خالف أبو يوسف، واشترط الصب لإسقاط الفرض (٨). وهذا القول يخالف صورتي المسألة: الانغماس والوقوع في الماء، ولا تنقض مسألة الوقوف تحت الميزاب.

ولم أجدهم يذكرون له دليلًا.

واشترط الحنابلة -في قول عندهم- المسح على الرأس، وعدم إجزاء الغَسل عنه،


(١) "المجموع" (٢/ ٢١٤).
(٢) "البناية" (١/ ٢٤٦).
(٣) "المبسوط" (١/ ٥٦)، و"فتح القدير" (١/ ٩١)، و"البحر الرائق" (١/ ١٠٣).
(٤) "مواهب الجليل" (١/ ٢١٨).
(٥) "المغني" (١/ ١٩١).
(٦) "سنن أبي داود" كتاب الطهارة، باب الجنب يتيمم، (ح ٣٣٢)، (١/ ٩٠)، و"المستدرك" كتاب الطهارة، (ح ٦٢٧)، (١/ ٢٨٤)، وصححه النووي في "المجموع" (٢/ ٢١٤).
(٧) "المجموع" (٢/ ٢١٤).
(٨) "فتح القدير" (١/ ٩١)، و"البحر الرائق" (١/ ١٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>