للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُمَّتِي عَلَى ضَلَالَةٍ" (١).

• وجه الدلالة من الأحاديث: هذه الأحاديث مع غيرها من الأحاديث الدالة على نفس المعنى تلقتها الأمة بالقبول، ولم يدفعها أحد من سلف الأمة وخلفها من موافقي الأمة ومخالفيها، ولم تزل الأمة تحتج بها في أصول الدين وفروعه، والاستدلال بهذه الأحاديث يفيد حصول العلم الضروري بأن قصد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من جملة هذه الأخبار -وإن لم يتواتر آحادها-: تعظيم شأن هذه الأمة، والإخبار بعصمتها عن الخطأ، وكذلك أن هذه الأخبار مشهورة عن الصحابة والتابعين، وهم متمسكون بها في إثبات الإجماع من غير خلاف؛ إذ المعلوم إن كان لا أصل لها لاشتد النكير وظهر (٢).

قال الشافعي: "إذا كانت جماعتهم متفرقة في البلدان فلا يقدر أحد أن يلزم جماعة وأبدان قوم متفرقين، وقد وجدت الأبدان تكون مجتمعة من المسلمين والكافرين والأتقياء والفجار، فلم يكن في لزوم الأبدان معنى؛ لأنه لا يمكن، ولأن اجتماع الأبدان لا يصنع شيئًا، فلم يكن للزوم جماعتهم معنى إلا ما عليه جماعتهم من التحليل والتحريم والطاعة فيهما، ومن قال بما تقول به جماعة المسلمين فقد لزم جماعتهم، ومن خالف ما تقول به جماعة المسلمين فقد خالف جماعتهم التي أُمِر بلزومها، وإنما تكون الغفلة في الفرقة، فأما الجماعة


(١) أخرجه الترمذي، باب: ما جاء في لزوم الجماعة (٤/ ٤٦٦) رقم (٢١٦٧)، والحاكم في المستدرك، كتاب العلم (١/ ٢٠٠) رقم (٣٩٤) من حديث ابن عمر رضي اللَّه عنهما.
وأخرج نحوه: أحمد في المسند (٦/ ٣٩٦) رقم (٢٧٢٦٧) من حديث أبي بصرة الغفاري -رضي اللَّه عنه-، وأبو داود، كتاب الفتن والملاحم، باب: ذكر الفتن ودلائلها (٤/ ٩٨) رقم (٤٢٥٣) من حديث أبي مالك الأشعري -رضي اللَّه عنه-، وابن ماجة (٢/ ١٣٠٣) رقم (٣٩٥٠) بتحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار الفكر، بيروت، من حديث أنس -رضي اللَّه عنه-.
(٢) كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام البزودي، تأليف: علاء الدين عبد العزيز بن أحمد البخاري، وضع حواشيه عبد اللَّه محمود محمد عمر، منشورات محمد على بيضون، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى ١٤١٨ هـ (١/ ٢٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>