للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكيف يمكن أن نتصور مجتمعًا من المجتمعات الإنسانية ضاع فيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وانتشر فيه فعل المنكرات؟ !

فإنه مجتمع لا يمكن أن تنتظم الحياة فيه، ويأمن فيه الإنسان على ضروراته الخمس التي عليها مدار حياته وسعادته، وهي: الدين، والنفس، والعقل، والمال، والنسل.

وإذا ساد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بين قوم صلحت أحوالهم، وتحقق لهم الفلاح في الدنيا والآخرة (١).

فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو القطب الأعظم في الدين، والمهم الذي ابتعث اللَّه له النبيين أجمعين، لو طُوي بساطه، وأُهمل علمه وعمله؛ لفشت الضلالة، وشاعت الجهالة، وخربت البلاد وهلك العباد، قال اللَّه -تعالى-: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٤١)} (٢).

فنعوذ باللَّه أن يندرس من هذا القطب عمله وعلمه، وأن ينمحي بالكلية حقيقته ورسمه، وأن تستولي على القلوب مداهنة الخلق، وتنمحي عنها مراقبة الخالق، وأن يسترسل الناس في اتباع الهوى والشهوات استرسال البهائم، وأن يعز على بساط الأرض مؤمن صادق، لا تأخذه في اللَّه لومة لائم، فلا معاذ إلا به، ولا ملجأ إلا إليه (٣).

وهذا هو الواقع الذي يُشاهد في الأماكن التي لا يُؤمر فيها بالمعروف، ولا يُنهى فيها عن المنكر، فبهما تتم المحافظة على عقائد المسلمين من الانحراف، وعباداتهم من الابتداع، ودنياهم من الفساد، وبهما تتم المحافظة على الآداب العامة، والمعاملات التجارية، والأمن والسلامة في المجتمعات.


(١) يُنظر: الحسبة في الماضي والحاضر بين ثبات الأهداف وتطور الأساليب، علي بن حسن بن علي القرني، مكتبة الرشد، الرياض، الطبعة الأولى ١٤١٥ هـ (ص ١٩، ٢٠).
(٢) سورة الروم، الآية: (٤١).
(٣) يُنظر: إحياء علوم الدين (٢/ ٣٠٦) بتصرف يسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>