فقد روى ابن سعد في طبقاته أن أبا هريرة -رضي اللَّه عنه- قَدِم على عمر -رضي اللَّه عنه- من البحرين، قال أبو هريرة: فلقيته في صلاة العشاء الآخرة، فسلمت عليه، فسألني عن الناس، ثم قال لي: ماذا جئت به؟ قلت: جئت بخمسمائة ألف درهم، قال: هل تدري ما تقول؟ ! قلت: جئت بخمسمائة ألف درهم، قال: ماذا تقول؟ قال: قلت مائة ألف، مائة ألف، مائة ألف، مائة ألف، مائة ألف، حتى عددت خمسًا، قال: إنك ناعس، فارجع إلى أهلك فنم، فإذا أصبحت فأتني. قال أبو هريرة: فغدوت إليه، فقال: ماذا جئت به؟ قلت: جئت بخمسمائة ألف درهم، قال عمر: أطيب؟ قلت: نعم، لا أعلم إلا ذلك، فقال للناس: إنه قد قدم علينا مال كثير، فإن شئتم أن نعد لكم عددًا، وإن شئتم أن نكيله لكم كيلًا، فقال له رجل: يا أمير المؤمنين، إني قد رأيت هؤلاء الأعاجم يدونون ديوانًا يعطون الناس عليه، قال: فدون الديوان، وفرض للمهاجرين الأولين في خمسة آلاف خمسة آلاف، وللأنصار في أربعة آلاف أربعة آلاف، ولأزواج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في اثني عشر ألفًا" (١).
ونشأ من يومها ديوان بيت المال، ثم تطور عبر الأزمان إلى أن أصبح له شخصية اعتبارية، ويُعامل معاملة الشخص الطبيعي من خلال ممثليه، فله ذمة مالية مستقلة، بحيث تثبت له الحقوق وعليه، ومنه ترفع الدعوى وعليه، ويمثله إمام المسلمين، أو من يعهد إليه.