للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-، "أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أكل كتف شاة، ثم صلى ولم يتوضأ" (١).

• وجه الدلالة: ظاهرةٌ من الحديث الأول في نسخ الأحاديث الأولى، وأن الأمر استقر على عدم نقض ما مسته النار للوضوء (٢).

أما الحديث الثاني، فقد أكل عليه الصلاة والسلام ما مسته النار، ثم صلى ولم يتوضأ، وهذه سنة فعلية يجب الأخذ بها، تدل على عدم وجوب الوضوء مما مست النار، واللَّه تعالى أعلم.

• الخلاف في المسألة: روي عن ابن عمر، وزيد بن ثابت، وأبي طلحة، وأبي موسى، وأبي هريرة، وأنس -رضي اللَّه عنهم- وعمر بن عبد العزيز، والحسن، والزهري، وأبي قلابة، وأبي مجلز، وغيرهم، أنهم قالوا: بإيجاب الوضوء مما غيرت النار (٣).

ولم يجعل ابنُ حزم المسألةَ متفقًا عليها في المراتب، حيث استثناها من المسائل المتفق عليها، وإن كان لا يخالف المسألة، كما سبق الإشارة لذلك (٤).

غير أني لم أجد من تابعهم من أهل المذاهب، ولا ممن بعدهم من أهل العلم.

واستدلوا بحديث أبي هريرة مرفوعا: "توضؤوا مما مسته النار" (٥).

وهو إما منسوخ، أو أنه في غسل اليدين بعد الأكل (٦).

النتيجة: أن الإجماع متحقق بعد عصر المخالفين الذين ذكرتهم؛ لعدم وجود المخالف في المسألة بعدهم، واللَّه تعالى أعلم، وهذا مبني على مسألة الإجماع على أحد القولين؛ هل يعتبر إجماع أو لا؟ وهي مسألة أصولية خلافية، وإن كان الأقرب أنه إجماع، ولكن ليس في حق من يرى أنه ليس بإجماع (٧)، وهذا يضعف حكم مسألتنا،


(١) البخاري كتاب الوضوء، باب من لم يتوضأ من لحم الشاة والسويق، (ح ٢٠٤)، (١/ ٨٦)، مسلم كتاب الطهارة، باب نسخ الوضوء مما مست النار، (ح ٣٥٤)، (١/ ٢٧٣).
(٢) "عارضة الأحوذي" (١/ ٩٤).
(٣) "المغني" (١/ ٢٥٥)، و"شرح مسلم" (٤/ ٤٣)، وانظر: "المصنف" (١/ ٦٨).
(٤) "مراتب الإجماع" (٤١).
(٥) مسلم كتاب الطهارة، باب الوضوء مما مست النار، (ح ٣٥٢)، (١/ ٢٧٢).
(٦) "شرح مسلم" (٤/ ٤٣).
(٧) المسألة خلافية مشهورة، وناقشتها في التمهيد، وانظر: "المهذب في أصول الفقه" (٢/ ٩٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>