مستمدٌ من كتاب اللَّه الكريم، وسنةُ رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-، وتالٍ لهما في الرتبة (١)، وقد اجتهد أهل العلم في بيان الإجماع، ورتبته، وعظيم شأنه، وخطورة مخالفته، وعدوا المجتهد هو من امتلك جملة من الأدوات والعلوم، ومن أهمها أن يكون على اطلاع ودراية بمسائل الإجماع، حتى يعصمه -بعد اللَّه سبحانه وتعالى- من المخالفة، أو الوقوع في الخطأ.
وحينما يتأمل طالب العلم في حكايات الإجماع المبثوثة في كتب الفقه، وشروح الحديث النبوي يعلم أن المسائل التي حكم عليها بالإجماع لم تحسم تمامًا، وذلك لأسباب عدة، إما لعدم اطلاع الفقيه على باقي أقوال أهل العلم، أو ضعف التواصل بين العلماء في ذلك الوقت الذي تحكمه ظروفه الخاصة به، أو التساهل من قبل بعض أهل العلم، أو غيرها من الأسباب، وفي زماننا هذا نجد أن الظروف مواتيه -بعد توفيق اللَّه- لدراسة تلك المسائل التي ذكرها أهل العلم، وذلك بعد مرور زمن على فترة التدوين، واستقرار المذاهب الفقهية، وظهور كثير من المخطوطات الفقهية إلى النور، وبروز فقه تحقيق المسائل عن طريق الجامعات والكليات التي هي مظنة ذلك، ولأجل هذا وقع اختياري لأطروحة الدكتوراة على دراسة الإجماعات الواردة في:(أبواب التبرعات والفرائض) راجيًا من اللَّه سبحانه وتعالى التوفيق والسداد، والإخلاص في القول والعمل، والتوفيق الدائم.
مشكلة البحث: أعتني الفقهاء -رحمهم اللَّه- بذكر مسائل الإجماع في أبواب التبرعات والفرائض والملاحظ أن أغلب الفقهاء قبل أن يذكروا مسائل الخلاف يقوموا بتحرير مسائل الإجماع في الأبواب المبحوثة، وقد كوّن ذلك مجموعة كثيرة من مسائل الإجماع في هذه الأبواب، وهنا تأتي أهمية جمعها وتصنيفها حسب الترتيب الفقهي المعتبر عند الفقهاء، ودراسة
(١) انظر: العدة في أصول الفقه القاضي أبو يعلى (٤/ ١٠٥٨)، مراتب الإجماع ابن حزم (ص ٧).