للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال المرداوي: (ليس للمستعير أن يؤجر ما استعاره بغير إذن المعير) (١).

قال البهوتي: (وليس لمستعير أن يعير المعار ولا أن يؤجره إلا بإذن ربه) (٢).

• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة, منها:

الأول: عن أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه- قال: (كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أحسن الناس وأشجع الناس، ولقد فزع أهل المدينة ليلة فخرجوا نحو الصوت، فاستقبلهم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وقد استبرأ الخبر! ! وهو على فرس لأبي طلحة -رضي اللَّه عنه- عري، وفي عنقه السيف، وهو يقول: (لم تراعوا لم تراعوا ثم قال وجدناه بحرًا أو قال إنه لبحر) (٣).

• وجه الاستدلال: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- استعمل الفرس للركوب، لأنه مأذون فيه، وقد استعاره من أبي طلحة -رضي اللَّه عنه-، والفرس يستعمل أصلًا للركوب.

الثاني: القياس على المستأجر في استيفاء المنفعة، لأن كلًا منهما أذن له بتصرف معين، فلا يجوز تعديه (٤).

الثالث: أن المستعير يتصرف في ملك الغير، فلا يملك المستعير التصرف إلا على الوجه الذي أذن له المعير فيه (٥).

• الخلاف في المسألة: خالف في هذه المسألة: الشافعية في أحد الوجهين (٦)، فذهبوا إلى جواز استعماله في غير ما أذن فيه مما جرت العادة باستعماله.

• دليلهم: وحجتهم أنهم قالوا: لأنه يملكَّه على حسب ما ملكه، فجاز؛ كما يجوز للمستأجر أن يؤجر العين.

النتيجة: صحة الإجماع في أن للمستعير أن يستعمل الشيء المُعار فيما


(١) الإنصاف، (٦/ ١١٥).
(٢) كشاف القناع، (٤/ ٥٩).
(٣) سبق تخريجه.
(٤) انظر: المبدع (٥/ ٩).
(٥) انظر: تبيين الحقائق (٥/ ٨٦).
(٦) مغني المحتاج (٣/ ٣٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>