للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال النووي: (إذا خلط الوديعة بمال نفسه، وفقد التمييز ضمن، وإن خلطها بمال آخر للمالك ضمن أيضًا على الأصح لأنه خيانة، ولو أودعه دراهم فأنفق منها درهمًا ثم رد مثله إلى موضعه، لا يبرأ من ضمانه، ولا يملكه المالك إلا بالدفع إليه، ثم إن كان المردود غير متميز عن الباقي، صار الجميع مضمونًا، لخلطه الوديعة بمال نفسه، فإن تميز فالباقي غير مضمون) (١).

قال القرافي: (إذا خلط الدراهم فضاع الجميع لم يضمن، أو ضاع بعضه فما ضاع ضمنه، وما بقي بينكما، لأن دراهمك لا تعرف من دراهمه ولو عرفت لكانت مصيبتها دراهم كل واحد منه، وكذلك الحنطة إذا خلطها بمثلها للاحتراز والفرق، أو بحنطة مخالفة لها، أو بشعير، ثم ضاع الجميع ضمن) (٢).

قال الخطيب الشربيني (. . . وإن تميز عنها فالباقي غير مضمون عليه، وإن تميز عن بعضها لمخالفته له بصفة كسواد وبياض وسكة ضمن ما لا يتميز خاصة، وإن رده بعينه إليها لم يضمن غيره من بقية الدراهم، وإن تلفت كلها أو لم يتميز هو عنها لاختلاطه بها، لأن هذا الخلط كان حاصلًا قبل الأخذ) (٣).

• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى أن خلط الوديعة في مثل هذه الصورة يكون مما تتميز عن غيرها، فلا يعجز بذلك عن ردها إلى صاحبها، فلم يضمنها، كما لو تركها في صندوق وفيه أكياس له (٤).

• الخلاف في المسألة: وقد خالف في هذه المسألة: الإمام أحمد في إحدى الروايتين، فقد حكي عنه: (تضمين من خلط دراهم بيضًا بسود) (٥).

وقد وجه ابن قدامة كلام الإمام أحمد بقوله: (ولعله قال ذلك لكونها


(١) روضة الطالبين، النووي (٦/ ٣٣٦).
(٢) الذخيرة، (٩/ ١٦٧).
(٣) مغني المحتاج، (٣/ ٨٩).
(٤) المبدع في شرح المقنع (٥/ ٢٤٠).
(٥) المغني (٩/ ٢٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>