للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا من الفقهاء، فلا يعتد بخلافهم، بل هم من جملة العوام وعلى هذا جل الفقهاء، والأصوليين، ومن اعتد بخلافهم إنما ذلك؛ لأن من مذهبه أنه يعتبر خلاف العوام، فلا ينعقد الإجماع مع وجود خلافهم، والحق أنه لا يعتبر إلا خلاف من له أهلية النظر والاجتهاد، على ما يذكر في الأصول" (١).

وهو قول ابن العربي رحمه اللَّه، حيث يقول عن قول من قال بأن غسل الرأس لا يجزئ عن المسح: "وهذا تولُّج في مذهب الداودية الفاسد من اتباع الظاهر، المبطل للشريعة، الذي ذمه اللَّه تعالى في قوله: {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الروم: ٧]، وكما قال: {أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ} [الرعد: ٣٣] " (٢). ونقل القرطبي هذه العبارة عنه (٣).

وهو قول العيني، حيث يقول: "وداود لا يعتبر خلافه في الإجماع، ولا يصح ذلك شريعة" (٤).

وقد حرصت على نقل عبارات العلماء لإثراء البحث، ولأهمية المسألة، فهي تبين أن هؤلاء العلماء لا يعتبرون خلاف الظاهرية، وبالتالي يؤثر في إجماعاتهم التي يحكونها، أو ينقلونها ويقرونها.

• القول الثاني: أن خلاف الظاهرية يعتد به، ولا يُحتج بإجماعٍ خالف فيه أهل الظاهر.

• دليل القول الأول: أن الظاهرية لا يعملون بالقياس، ومن شروط المجتهد معرفة القياس، فهم كالعوام، والعوام لا يعتبر قولهم في الإجماع (٥).

• وجوابه: أنه يلزمهم بهذا عدم اعتبار قول منكر العموم وخبر الواحد، ولا قائل بهذا إلا من شذّ (٦).

• دليل القول الثاني: أن علماء الظاهرية جزء من علماء الأمة، وفيهم العلماء الكبار كداود وابن حزم رحمهم اللَّه تعالى، ولا يجوز استثناؤهم من الأمة إلا أن يقال بكفرهم، وهذا لا يقول به أحد، فيجب الأخذ بقولهم.


(١) "طرح التثريب" (٢/ ٣٧).
(٢) "أحكام القرآن" (٢/ ٦٦)، وكرر هذا الرأي في "عارضة الأحوذي" (١/ ١٣٩).
(٣) "تفسير القرطبي" (٦/ ٩٠) ق؛ (٦/ ٦٠).
(٤) "البناية" (١/ ٤٤٧).
(٥) "طرح التثريب" (٢/ ٣٧)، "البحر المحيط" (٦/ ٤٢٤).
(٦) "البحر المحيط" (٦/ ٤٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>