للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحد إلى غير من هلك معه من ورثته (١).

قال السرخسي (٤٨٣ هـ): اتفق أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وزيد ابن ثابت -رضي اللَّه عنهم- في الغرقى والحرقى إذا لم يعلم أيهم مات أولًا أنه لا يرث بعضهم من بعض، وإنما يجعل ميراث كل واحد منهم لورثته الأحياء به قضى زيد في قتلى اليمامة حين بعثه أبو بكر لقسمة ميراثهم، وبه قضى زيد في قتلى الحرة، وهكذا نقل عن علي -رضي اللَّه عنه- في قتلى الجمل وصفين، وهو قول عمر بن عبد العزيز وبه أخذ جمهور الفقهاء (٢).

قال العمراني (٥٥٨ هـ): وإن عُلم أنهما ماتا معًا، أو عُلم أن أحدهما مات أولًا ولم تعرف عينه، قال الشيخ أبو حامد: مثل أن غرقا في ماء فرئي أحدهما يصعد من الماء وينزل ولم يعرف بعينه، والآخر قد نزل ولا يصعد، فإنه يعلم لا محالة أن الذي يصعد وينزل لم يمت، وأن الذي نزل ولم يصعد قد مات، أو لم يعلم: هل ماتا في حالة واحدة، أو مات أحدهما قبل الآخر، فمذهبنا في هذه الثلاث المسائل: أنه لا يرث أحدهما من الآخر، ولكن يرث كل واحد منهما ورثته غير الميت معه (٣).

قال الدسوقي (١٢٣٠ هـ): ولا يرث من جهل تأخر موته عن مورثه بأن ماتا تحت هدم مثلًا أو بطاعون ونحوه بمكان ولم نعلم المتأخر منهما فيقدر أن كل واحد لم يخلف صاحبه وإنما خلف الأحياء من ورثته (٤).

• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى أن: من شروط صحة الإرث، ثبوت حياة الوارث بعد موت المورث، وهنا لم يتبين (٥).

النتيجة: صحة الإجماع في أنه إذا لم يعلم المتقدم من المتأخر من الغرقى والهدمى، ومن في حكمهم، أنهم لا يتوارثون.


(١) الحاوي الكبير (٨/ ٨٧).
(٢) المبسوط (٣٠/ ٢٧).
(٣) البيان في مذهب الإمام الشافعي، ٩/ ٣٣.
(٤) حاشية الدسوقي (٦/ ٥٨٩).
(٥) انظر: حاشية الروض المربع (٦/ ١٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>