عن الإجماع بنفي الخلاف، وغالبًا ما يكون مصيبًا، وأحيانًا من الفقهاء من يعبر عن الإجماع بلفظة (الإجماع)، وهو في واقع الأمر مجرد اتفاق، وأخطر شيء هو تقليد العلماء بعضهم بعضًا في نقل الإجماع، فتجد أحيانًا العالم لا يكلف نفسه في التحقق من مسائل الإجماع، وإنما يكتفي بمجرد نقلها عن فلان، وقد يكون الإجماع مخرومًا، وهو حاصل في كثير من كتب أهل العلم.
الرابع: أن الحكم بالإجماع في المسألة ليس على إطلاقه في الحقيقة، فبعض العلماء يطلق الإجماع ويريد به إجماع المذهب، وهذا كثيرًا ما يسلكه فقهاء الحنفية -رحمهم اللَّه- وبعضهم يعكس ذلك، الاتفاق ومراده الإجماع كما يحصل من تعبيرات ابن رشد، وابن حزم -رحمهما اللَّه- وغيرهما من أهل العلم.
الخامس: توصل الباحث إلى أنَّ كثيرًا من الإجماعات المشتهرة والمؤخوذة بالتلقي لا يصح فيها الإجماع، ولذلك كان راسخًا في ذهن الباحث مسائل مقطوعًا فيها بالإجماع، بسبب كثرة ترددها في الكتب المذهبية، وعلى ألسنة العلماء، ولكن بعد الدراسة والتحقيق تبين أنها مسائل خلافية، مثل: كون الوقف دائمًا مؤبدًا، لقطة الحاج، والتقاط ضالة الإبل، وقطع جاحد العارية، وغيرها مما مر في دراستي، فكان المتقرر أنها من الإجماع القطعي، فتبين أن فيها خلافًا قويًا.
السادس: توصل الباحث بعدما عاش مع مسائل هذه الدراسة أنها تربي الإنسان على التروي والنظر وعدم الاستعجال في إصدار الأحكام، وأن أول ما ينبغي لطالب العلم الرجوع إليه هو مسائل الإجماع في المسألة التي يريد النقاش حولها، وأن إهمال مسائل الإجماع، واللجوء إلى الأقوال الشاذة، أو مصادرة الأحكام لقول وارد عن المتقدمين، مسلك غير صحيح في نظر الباحث، وقد يكون سببه التلقي الخاطئ لمسائل العلم، وعدم المنهجية