للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قولان (١).

• مستند الاتفاق:

١ - النجاسة حكم شرعي، ولا تطلق على شيء إلا بدليل شرعي، ولم يدل على نجاسة القرد دليل؛ فيبقى على الأصل وهو الطهارة.

٢ - أن مسَّ القرود، قد يتعرض له الناس كثيرًا، ولو كانت نجسة لنجست ما يلامسها، ولو كان كذلك لبينه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في وقته، لحاجة الناس إليه، وترك البيان عند الحاجة لا يجوز (٢)، فدل على أنها على الأصل وهو الطهارة، واللَّه تعالى أعلم.

• الخلاف في المسألة: خالف الحنفية (٣)، والحنابلة (٤)، فقالوابنجاسة القرد، وكل ما لا يؤكل من الطير والسِّباع، مما هو فوق الهر خلقةً.

واستدل الحنفية على نجاستها بنجاسة سؤرها؛ لما روي عن ابن عمر وعمرو بن العاص -رضي اللَّه عنهما-، أنهما وردا حوضًا، فقال عمرو بن العاص: يا صاحب الحوض، أترد السباع ماءكم هذا. فمال ابن عمر رضي اللَّه تعالى عنه: يا صاحب الحوض، لا تخبرنا (٥).

فقالوا: لولا أنه كان إذا أخبر بورود السباع يتعذر عليهم استعماله؛ لما نهاه عن ذلك (٦).

أما الحنابلة فلم أجد لهم دليلًا؛ إلا وصفَهم له بأنه خبيث ومستقبح، وقولهم بتحريم أكله لأنه سبع (٧).

وكأن ابن حزم يميل إلى هذا القول -نجاسة القرد- وإن لم يصرح به، إلا أنه يشبهه بالخنزير، وأنه من الخبائث، فقد يفهم منها أنه يقول بنجاسته (٨)، واللَّه أعلم.


(١) "المنتقى" (٣/ ١٣٢)، "شرح الخرشي" (٣/ ٣٠).
(٢) كما هو عند الأصوليين. انظر: "حاشية العطار على شرح الجلال" (٢/ ٨٩).
(٣) "المبسوط" (١/ ٤٩)، "بدائع الصنائع" (١/ ٦٤).
(٤) "شرح منتهى الإرادات" (١/ ١٠٧)، "شرح غاية المنتهى" (١/ ٢٣٢).
(٥) "الموطأ" كتاب الطهارة، باب الطهور للوضوء، (ح ٤٣)، (١/ ٢٣)، أحمد (ح ١٥٥٠٩)، (٣/ ٤٢١)، وضعفه ابن عبد الهادي بالانقطاع، "تنقيح تحقيق أحاديث التعليق" (١/ ٤٩)، والألباني في "المشكاة" (ح ٤٨٦).
(٦) "المبسوط" (١/ ٤٩)، "بدائع الصنائع" (١/ ٦٤).
(٧) "المغني" (١٣/ ٣٢٠).
(٨) "المحلى" (٦/ ١١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>