قال: فكتب إليه الزهري وأنا شاهد: أما بعد، فإن الفتنة الأولى ثارت وفى أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ممن شهد بدرًا، فرأوا أن يهدم أمر الفتنة، لا يقام فيها حد على أحد في فرج استحله بتأويل القرآن، ولا قصاص في دم استحله بتأويل القرآن، ولا مال استحله بتأويل القرآن، إلا أن يوجد شيء بعينه، وإني أرى أن تردها إلى زوجها وتحد من قذفها"، قال الألباني في إرواء الغليل (٨/ ١١٦): "بسند صحيح"، بينما ضعف ابن حزم هذا الأثر في المحلى (١١/ ٣٤٥) فقال: "هذا ليس بشيء لوجهين: أحدهما: أنه منقطع لأن الزهري -رحمه اللَّه- لم يدرك تلك الفتنة ولا ولد إلا بعدها ببضع عشرة سنة. والثاني: أنه لو صح كما قال لما كان هذا إلا رأيًا من بعض الصحابة لا نصا ولا إجماعا منهم، ولا حجة في رأي بعضهم دون بعض، وإنما افترض اللَّه تعالى علينا أهل الإسلام اتباع القرآن، وما صح عن النبي عليه السلام، أو ما أجمعت عليه الأمة، ولم يأمر اللَّه تعالى قط باتباع ما أجمع عليه بعض أولي الأمر منا، وإذا وقعت تلك الفتنة فبلا شك أن الماضين بالموت من أصحاب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم كانوا أكثر من الباقين، ولقد كان أصحاب بدر ثلاثمائة وبضعة عشر رجلًا، وعدوا، إذ مات عبد الرحمن بن عوف رضي اللَّه عنه فما وجد منهم في الحياة إلا نحو مائة واحدة فقط، فبطل التعلق بما رواه الزهري لو صح، فكيف وهو لا يصح أصلًا". والظاهر أن الحديث صحيح، أما تعليل بن حزم بأن الزهري لم يدرك الفتنة فإنه لا يلزم من كلام الزهري أن يكون حاضرًا للفتنة، ولذا احتج به من ذكرتُ من أهل العلم.