للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"لتكونوا شهداء على الناس"، يقتضي أنهم إذا شهدوا على حكم أن اللَّه أحله أو حرمه أو أوجبه، فإنها معصومة في ذلك (١).

ومن السنة، استدلوا بأحاديث، منها:

١ - قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه لا يجمع أمتي على ضلالة" (٢).

٢ - قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ليس أحد يفارق الجماعة شبرا فيموت، إلا مات ميتة جاهلية" (٣).

وغير ذلك من الأحاديث في هذا المعنى.

وجه الدلالة كما يقول ابن قدامة (٤) رحمه اللَّه: وهذه أخبار لم تزل ظاهرة مشهورة في الصحابة والتابعين، لم يدفعها أحد من السلف والخلف، وهي وإن لم تتواتر آحادها، حصل لنا بمجموعها العلم الضروري أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عظم شأن هذه الأمة، وبيّن عصمتها من الخطأ (٥).

ويقول أيضا: "ومن وجه آخر، أن هذه الأحاديث لم تزل مشهورة بين الصحابة والتابعين، يتمسكون بها في إثبات الإجماع، ولا يظهر فيه أحد خلافًا إلى زمن النظام، ويستحيل في مطرد العادة ومستقرها توافق الأمم في أعصار


(١) تيسير الكريم الرحمن، (ص ٧٠)، وينظر: أحكام القرآن للجصاص (١/ ١٠٩).
(٢) أخرجه أحمد (٦/ ٣٩٦)، والترمذي في الفتن، باب لزوم الجماعة برقم (٢١٦٧)، وصححه الحاكم في المستدرك، رقم (٣٩١)، والألباني في صحيح الجامع رقم (٢٧٢٩).
(٣) أخرجه البخاري في الفتن، باب قول النبي صلى اللَّه عليه وسلم: (ستكون بعدي أمورا تنكرونها) برقم (٧٠٥٤)، ومسلم في الإمارة، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين، برقم (٥٥، ٥٦).
(٤) هو عبد اللَّه بن أحمد بن محمد بن قدامة بن مقدام بن نصر المقدسي، الجمّاعيلي ثم الدمشقي الصالحي الحنبلي، أبو محمد، موفق الدين، ولد في شعبان عام (٥٤١) هـ، فقيه ومحدث، وأصولي، له: المغني، المقنع، توفي سنة (٦٢٠ هـ). ينظر: سير أعلام النبلاء (٢٢/ ١٠٦)، ذيل طبقات الحنابلة (٢/ ٢٤٤).
(٥) روضة الناظر (٢/ ٤٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>