للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد استدل أصحاب هذا القول بما يلي:

أنهم ينكرون القياس، الأمر الذي يدل على عدم معرفتهم بطرق الاجتهاد، مع العلم بأن معظم الشريعة صدرت عن اجتهاد، والنصوص لا تكاد تفي بعشر معشار الشريعة، وهذا الإنكار للقياس، إنكار لما هو معلوم من الدين بالضرورة؛ لأنه قد دل عليه الدليل القاطع، فخالفوا بذلك صريح العقول وصحيح المنقول، ولأن كثيرًا من أهل البدع قد وافقوهم في قولهم، ومن كان هذا حاله، فلا اعتبار بخلافه (١).

ويجاب عن هذه الأمور بما يلي:

أولا: ما قيل بأن النصوص الشرعية لا تفي بجميع الأحكام الشرعية، وأنه يلزم إعمال القياس لإظهار الأحكام الشرعية، فقد رد على ذلك الإمام الشوكاني (٢) بقوله: أن من عرف نصوص الشريعة حق معرفتها، وتدبر آيات الكتاب العزيز، وتوسع في الاطلاع على السنة المطهرة، علم بأن نصوص الشريعة جمع جم، ولا عيب لهم إلا ترك العمل بالآراء الفاسدة التي لم يدل عليها كتاب ولا سنة ولا قياس مقبول. . . نعم، قد جمدوا في مسائل كان ينبغي لهم ترك الجمود عليها، ولكنها بالنسبة إلى ما وقع في مذهب غيرهم من العمل بما لا دليل عليه البتة قليلة جدا (٣).


(١) ينظر: الفصول في الأصول (٣/ ٢٩٦ - ٢٩٧)، البحر المحيط (٤/ ٥٧٢)، سير أعلام النبلاء (٣/ ١٠٤ - ١٠٥).
(٢) هو محمد بن علي بن محمد بن عبد اللَّه الشوكاني، فقيه مجتهد من كبار علماء اليمن، من أهل صنعاء، ولد بهجرة شوكان (من بلاد خولان، باليمن) ونشأ بصنعاء، وولي قضاءها ومات رحمه اللَّه حاكما بها، له مؤلفات كثيرة جدا، منها: نيل الأوطار، البدر الطالع، توفي رحمه اللَّه سنة (١٢٥٠ هـ). ينظر: الأعلام للزركلي (٦/ ٢٩٨)، معجم المؤلفين (١١/ ٥٣).
(٣) إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول (١/ ٢١٥) بتصرف يسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>