للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالقتل العمد يجمع أوصافا ثلاثة:

١ - القصد إلى الجناية، فخرج بذلك ما لو لم يقصد الفعل الذي بسببه حصل القتل، كأن يسقط الرجل على آخر فيقتله.

٢ - القصد إلى الشخص، فخرج بذلك ما لو قصد شيئا فأصاب غيره، كما لو أطلق سهما ليقتل صيدا، فأصاب آدميا.

٣ - أن تكون آلة الجناية مما تقتل غالبا، فخرج بذلك ما لو كانت الآلة لا تقتل غالبا، كما لو ضرب شخص آخر بحجر صغير في غير مقتل فقتل بسببه.

وقتل النفس المعصومة محرم، وهو من كبائر الذنوب، وقد توعد اللَّه تعالى مرتكبه بأشد العقاب، وقد قرنه بالشرك به سبحانه، قال تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (٦٨) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (٦٩) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (٧٠)} [الفرقان: ٦٨ - ٧٠].

وقال تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (٩٣)} [النساء: ٩٣].

ويترتب على قتل النفس المعصومة عمدا أمور، منها: أولا: ما يتعلق بحق اللَّه تعالى، فقد توعد اللَّه القاتل المتعمد الوعيد الشديد، كما سبق ذكره آنفا.

ثانيا: ما يتعلق بحق أولياء القتيل، فهم مخيرون بين ثلاثة أمور؛ هي: الأمر الأول: القصاص؛ بشروطه، لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة: ١٧٨].

الأمر الثاني: الدية، وذلك إذا عفا جميع الأولياء أو بعضهم عن القصاص


= الكافي لابن قدامة (٤/ ٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>