لا يجزم بحكاية الإجماع إلا في المسائل الظاهرة المشتهرة، أو التي ينقلها عن غيره، وفي الغالب ينقل عن ابن المنذر.
ما عدا ذلك فإنه ينفي علمه بالخلاف، اتباعا لسنة إمامه الإمام أحمد كما سبق ذكر ذلك عنه.
والحنابلة مرد إجماعاتهم التي ينقلونها -في الغالب- إليه، فمثلا شمس الدين ابن قدامة، وابن مفلح، والبهوتي، والقاسم، وغيرهم لا يتعدون ما يذكره ابن قدامة.
أما شمس الدين ابن قدامة، فلا يخفى أنه نقل كتاب المغني على كتاب المقنع ولم يُضفْ إليه إلا القليل، لكنه نقل إجماعات لم ينقلها الموفق أبو محمد في مغنيه انظر على سبيل المثال:(١١/ ٣٤، ٤٩، ١٣٠، ١٧٥، ٢٨٩، ٣٧٥) وكذا (١٤/ ١٩٣، ٢٦٦، ٣١٢).
وكذلك لم ينقل إجماعا ذكره الموفق في مغنيه كما في مسألة: استئجار الأرض التي ماء دائم للزرع والغرس (١).
كثير من الحنابلة ينقل عن شمس الدين؛ لأنه رتب كتابه على ترتيب متأخري الحنابلة فسَهُلَ الرجوع إليه أكثر من الكتاب الأم وهو المغني.
الثاني عشر: أما النووي:
فهو إمام الشافعية في زمانه، وله أثر على المذهب لا ينكر، وقد حكى اثنين وسبعين إجماعا، منها عشر مسائل نقلت عنه، وإحدى عشرة مسألة نقلها عن غيره.
ومن الملاحظ أنه إذا حكى الإجماع بلفظ الإجماع ففي الغالب يقصد به الإجماع الأصولي.
(١) من أجل هذا حرص الباحث على نقل إجماعاته وقد ذيلت إجماعات الموفق بشمس الدين، وذكرته مع من نقل الإجماع، وإن كان لم ينص على ذلك؛ لأنه نص في المقدمة على اعتماد كتاب الموفق، فهو يذكرها بنصها ولا يخالف إلا القليل.