للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• وجه الدلالة: أن الشارع استثنى من اقتناء الكلب هذه الحالات الثلاث، فدل على جوازها، وبقاء ما عداها على الأصل وهو الحرمة.

• المخالفون للإجماع:

أولًا: خالف في مسألة جواز اقتناء الكلب للزرع: ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-، وقال: بتحريمه، وقد نسب ذلك له ابن عبد البر رحمه اللَّه (١)، وفي هذه النسبة نظر، لأمور:

الأول: لم أجد من نسبه إليه غيره، بل لم أجد عن ابن عمر رواية تدل على هذه النسبة.

الثاني: لعل ابن عبد البر نسب هذا القول لابن عمر، لمَّا روى الحديث في الباب، ولم يذكر من ضمن الاستثناء كلب الحرث أو الأرض، وكان ينسبها لأبي هريرة، فيقول: [وقال أبو هريرة: أو كلب حرث] وجاء في حديث أبي هريرة السابق، قال الزهري (٢): فذكر لابن عمر قول أبي هريرة فقال: [يرحم اللَّه أبا هريرة! كان صاحب زرع]. وهذا لا يدل على أنه لا يرى استثناء كلب الزرع من التحريم، وإنما يدل على شيئين:

١) تَثبُّت ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- في نسبة ذلك إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فهو لم يسمعها من النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وإنما من أبي هريرة.

٢) مقصود ابن عمر حين نسبه إلى أبي هريرة، أن من كان مهتما بشيء، فإنه سيكون ضابطا له أكثر من غيره، وأبو هريرة كان مهتما بالحرث، ويدل لهذا حين قال: وكان صاحب حرث (٣).


(١) "التمهيد" (١٤/ ٢٠٩)، "الاستذكار" (٨/ ٤٩٣).
تنبيه: ذكر ابن عبد البر رحمه اللَّه في "الاستذكار" (٨/ ٤٩٤) بأن ابن عمر لم يذكر الحرث، وبين سبب ذلك أنه لم يطلع على ما ذكره أبو هريرة وسفيان وابن مغفل من ذكرها، وهذا فيه نظر؛ لأن ابن عمر كان يقول [وقال أبو هريرة. . .] إلا أن يكون مقصوده أنه لم يطلع عليها عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهذا أيضًا لا تسعفه العبارة التي ذكرها.
(٢) محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، ولد عام (٥٠ هـ) حافظ زمانه، قال فيه الإمام أحمد: [الزهري أحسن الناس حديثا، وأجود الناس إسنادا]. توفي عام (١٢٤ هـ). "سير أعلام النبلاء" (٥/ ٣٢٦)، "تهذيب التهذيب" (٩/ ٤٤٥).
(٣) ينظر في هذا التوجيه الأخير: "عمدة القاري" (١٢/ ١٥٨)، "تحفة الأحوذي" (٥/ ٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>