للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقتضي التحريم.

• المخالفون للإجماع:

خالف في هذه المسألة: جملة من الصحابة والتابعين، منهم:

ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- فقد ثبت عنه أنه اشترى بعيرا وهو شارد (١).

وممن خالف أيضا: شريح، وابن سيرين، والشعبي، وطاوس، والبتي، وأبو بكر بن داود (٢)، وابن حزم وقال بأنه مذهب أصحابه من الظاهرية (٣)، وكذا ذكره الحسن عن أبي حنيفة (٤)، كل هؤلاء يرون جواز بيع العبد الآبق، إذا كان علمهما فيه واحد.

وهؤلاء يستدلون بدليل عقلي، وهو:

أن كل ما صح ملكه عليه وعرفت صفاته، فإنه يصح تصرفه فيه بأي لون من ألوان التصرف، فالعبد الآبق، والبعير الشارد، ملك البائع عليهما صحيح، فيصح بيعه لهما (٥).


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٥/ ٦١) ومن طريقه أخرجه ابن حزم في "المحلى" وصححه (٧/ ٢٨٨)، وابن عمر أحد الرواة الذي رووا حديث النهي عن بيع الغرر، كما أخرجه ابن حبان عنه في "صحيحه" (١١/ ٣٢٧)، فدل على أنه يعتبر هذا ليس من الغرر المنهي عنه، وإلا فابن عمر قد عرف عنه حسن الاتباع والحرص عليه.
(٢) محمد بن داود بن علي الظاهري أبو بكر، علامة بارع ذو الفنون، كان مضرب المثل بذكائه، له بصر تام بالحديث وبأقوال الصحابة، وكان يجتهد ولا يقلد أحدا، من آثاره: "الفرائض"، "الزهرة"، "المناسك"، "الإيجاز". توفي عام (٢٩٧ هـ). "سير أعلام النبلاء" (١٣/ ١٠٩)، "تاريخ بغداد" (٥/ ٢٥٦).
(٣) أخرج هذه الآثار ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٥/ ٦٠ - ٦٢)، وابن حزم في "المحلى" (٧/ ٢٨٥ - ٢٩٠). وابن سيرين أخرج أثره ابن المنذر كما نسبه إليه ابن حجر في "الفتح" (٤/ ٣٥٧)، والذي جاء عن شريح أنه بالخيار إذا رآى العبد بعد وجوده إن شاء أخذه وإن شاء رده، ومما ينبغي أن يذكر أيضا أن الشعبي قد جاء عنه النهي عن بيع العبد الآبق كما رواه عنه ابن أبي شيبة في "مصنفه" في الموضع السابق.
(٤) "البناية" (٨/ ١٦٢).
(٥) "المحلى" (٧/ ٢٨٥ - ٢٩٠). ابن حزم يرى أن الغرر هو: ما كان مجهول القدر والصفة حين العقد، فلا يدخل العبد والجمل هنا في الغرر.

<<  <  ج: ص:  >  >>