للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• وجه الدلالة: أن المعدوم لا يملك البائع تسليمه للمشتري، وهذا غرر ومخاطرة لا يجوز مع مثله البيع.

الثاني: أن هذا لون من ألوان القمار؛ إذ بيع المعدوم قائم على الوكس والشطط، فإن العين إذا أمكن المشتري تسلُّمها فيكون قد قَمَر البائع، وإن لم يمكنه ذلك فيكون قد قمره البائع في البيع.

• المخالفون للإجماع:

خالف في هذه المسألة: ابن تيمية وابن القيم، وقالوا بجواز بيع المعدوم في بعض الأحوال، فليس النهي عاما في كل معدوم (١)، وقسموه إلى ثلاثة أقسام:

الأول: معدوم موصوف في الذمة، فهذا يجوز بيعه اتفاقا، وهو السلم.

الثاني: معدوم تبع للموجود، وإن كان أكثر منه، وهو نوعان: نوع متفق عليه، ونوع مختلف فيه، فالمتفق عليه: بيع الثمار بعد بدو صلاح ثمرة واحدة منها، فاتفق الناس على جواز بيع ذلك الصنف الذي بدا صلاح واحدة منه، وإن كانت بقية أجزاء الثمار معدومة وقت العقد، ولكن جاز بيعها تبعا للموجود. والنوع المختلف فيه؛ كبيع المقاثي والمباطخ إذا طابت، فهذا فيه قولان.

الثالث: معدوم لا يدرى يحصل أو لا يحصل، ولا ثقة لبائعه بحصوله، بل يكون المشتري منه على خطر، فهذا الذي منع الشارع بيعه لا لكونه معدوما بل لكونه غررا، منه: بيع حبل الحبلة.

واستدلوا بعدة أدلة، منها:

الأول: يقول ابن القيم: [ليس في كتاب اللَّه، ولا في سنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا في كلام أحد من الصحابة أن بيع المعدوم لا يجوز، لا بلفظ عام، ولا بمعنى عام، وإنما في السنة النهي عن بيع بعض الأشياء التي هي معدومة، كما فيها النهي عن بيع بعض الأشياء الموجودة، فليست العلة في المنع لا العلم ولا الوجود، بل الذي وردت به السنة النهي عن بيع الغرر، وهو ما لا يقدر على تسليمه، سواء كان موجودا أو معدوما] (٢).


(١) "نظرية العقد" (ص ٢٣١)، "زاد المعاد" (٥/ ٨٠٨ - ٨١٠).
(٢) "إعلام الموقعين" (٢/ ٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>