للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• مستند الإجماع: يستند الإجماع إلى عدة أدلة، منها:

الأول: عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "المسلمون على شروطهم، ما وافق الحق منها" (١).

• وجه الدلالة: هذا الحديث أصل في إباحة الشروط بين المتعاقدين ما لم يكن الشرط محرما في الشرع، فيدخل فيه ما إذا شرط أحدهما منفعة مقصودة في المبيع (٢).

الثاني: عن عائشة -رضي اللَّه عنها- قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما كان من شرط ليس في كتاب اللَّه فهو باطل، وإن كان مائة شرط، كتاب اللَّه أحق، وشرط اللَّه أوثق" (٣).

• وجه الدلالة: قال ابن تيمية: ["من اشترط شرطا" أي: مشروطا، وقوله: "ليس في كتاب اللَّه" أي: ليس المشروط في كتاب اللَّه، فليس هو مما أباحه اللَّه، كاشتراط الولاء لغير المعتق، والنسب لغير الوالد. . .، ونحو ذلك مما لم يبحه اللَّه بحال، ومن ذلك تزوج المرأة بلا مهر، ولهذا قال: "كتاب اللَّه أحق، وشرط اللَّه أوثق" وهذا إنما يقال إذا كان المشروط يناقض كتاب اللَّه وشرطه، فيجب تقديم كتاب اللَّه وشرطه، ويقال: "كتاب اللَّه أحق، وشرط اللَّه أوثق" وأما إذا كان نفس الشرط والمشروط لم ينص اللَّه على حله، بل سكت عنه، فليس هو مناقضا


= الدسوقي" (٣/ ٦٥).
تنبيه: هذه المسألة اختلفت عبارات العلماء في التعبير عنها، وإن كانت متفقة في المعنى، فالحنفية يعبرون عن هذا النوع من الشروط بأنها الشروط التي تلائم العقد، ويفسرون الملائمة: بأنها التي تؤكد موجب العقد، أو التي تكون راجعة إلى صفة الثمن أو المبيع: كاشتراط الخبز والطبخ والكتابة. والمالكية يعبرون عنها بالشروط التي لا يقتضيها العقد ولا ينافيها، والشافعية يعبرون عنها بالشروط التي لا يقتضيها إطلاق العقد وفيها مصلحة للعاقد، وقريبا منهم الحنابلة في التعبير. وبين العلماء اختلاف في تحقيق المناط في الأمثلة التي ذكرت وغيرها، فالكلام هنا على القاعدة وليس على ذات الأمثلة. ومسألة الشروط عموما جديرة بإفرادها في رسالة تجمع قواعدها وتلم مسائلها.
(١) سبق تخريجه.
(٢) ينظر: "المبدع" (٤/ ٥٢)، "كشاف القناع" (٣/ ١٨٩).
(٣) أخرجه البخاري (٢١٦٨)، (ص ٤٠٦)، ومسلم (١٥٠٤)، (٢/ ٩٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>