للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تزهي فقيل له: وما تزهي؟ قال: "حتى تحمر" فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أرأيت إذا منع اللَّه الثمرة، بم يأخذ أحدكم مال أخيه؟ " (١).

• وجه الدلالة: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بيَّن أن النهي عن بيع الثمار قبل أن تزهي، هو من أَجل جهالة العاقبة، ولما كان البيع المشروط بالقطع لا يستفاد منه ذلك، زال الحكم وتغيَّر، فالحكم يدور مع علته وجودا وعدما, ولربما كان للمشتري غاية في هذا فلا يُمْنع منه.

الثاني: عن عبد اللَّه بن عمر -رضي اللَّه عنهما- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من ابتاع نخلا قد أُبِّرت فثمرته للبائع إلا أن يشترطه المبتاع" (٢).

• وجه الدلالة: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- جعل الثمرة للمشتري بالشرط من غير فصل بين ما إذا بدا صلاحها أو لا، فدل على أنها محل للبيع كيفما كان إذا وجدت مع الشرط (٣).

الثالث: أنه باعه ما لا غرر في بيعه، ولا تدخله زيادة ولا نقص؛ لجدّه إياه عقيب العقد (٤).

• المخالفون للإجماع:

على كثرة من حكى الإجماع في المسألة، إلا أن من العلماء من خالف هذا الإجماع، فقد نقل ابن حزم وغيره عن سفيان الثوري وابن أبي ليلى أنهما يقولان بالمنع مطلقًا من غير استثناء (٥)، ووجدت الكاساني حكاه عن بعض مشائخه ولم يسمه (٦)، واختار هذا القول ابن حزم، وتبعه الشوكاني على ذلك (٧).


(١) سبق تخريجه.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) "بدائع الصنائع" (٥/ ١٣٨).
(٤) "المنتقى" (٤/ ٢١٨).
(٥) "المحلى" (٧/ ٣٣٧) وقد نقله عنهما بدون إسناد، ومال ابن عبد البر إلى تضعيف القول عنهما فقال: [وقد روي عن الثوري وابن أبي ليلى أنه لا يجوز بيع الثمار قبل بدو صلاحها على كل حال من الأحوال، اشترط قطعها أو لم يشترط، والأول أشهر عنهما، أنه جائز بيعها على القطع قبل بدو صلاحها، كالقصيل] "الاستذكار" (٦/ ٣١٠) ونص على التضعيف ابن رشد الحفيد في "بداية المجتهد" (٢/ ١١٢).
(٦) "بدائع الصنائع" (٥/ ١٧٣).
(٧) "المحلى" (٧/ ٣٣٧)، "نيل الأوطار" (٥/ ٢٠٦ - ٢٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>