للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• مستند الإجماع: يستدل لهذا الإجماع بدليل من المعقول، وهو:

أن اللَّه سبحانه وتعالى أجرى العادة بأن الثمرة لا تطيب دفعة واحدة رفقًا بالعباد، فإنها لو طابت دفعة واحدة لم يكمل تفكههم بها في طول وقته، وإنما تطيب شيئًا فشيئا، ولو اشترط في كل ما يباع كمال طيبه في نفسه لكان فيه ضررا، فإن العذق الواحد يطيب بعضه دون بعض، وإلى أن يطيب الأخير يتساقط الأول، وهذا يؤدي إلى أنه: إما أن لا يباع، وإما أن يباع حبة حبة، وفي كلا الأمرين حرج ومشقة، وقد قال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (١). وقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إني أرسلت بحنيفية سمحة" (٢) (٣).

• المخالفون للإجماع:

خالف في هذه المسألة: الحنابلة في رواية عندهم، وهو أنه إذا اتحد النوع في بستان واحد، فإنه لا يجوز بيع الثمرة، ما لم يبدو صلاح الجميع (٤). وهذا مخالف لما ذكره السبكي.

واستدل هؤلاء بعدة أدلة، منها:

الأول: أن ما لم يبدو صلاحه داخل في عموم النهي الوارد عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.

الثاني: أنه لم يبد صلاحه، فلم يجز بيعه من غير شرط القطع، كالجنس الآخر، وكالذي في البستان الآخر (٥).

النتيجة: صحة الإجماع في جواز بيع الثمرة إذا بدا صلاح بعض النخلة؛ وذلك


= الأولى: أن يمكن الانتفاع به ولو علفا للدواب فهذا جائز بلا نزاع عندهم. الثانية: إذا كان لا يمكن الانتفاع به لا في الأكل ولا في جعله علفا للدواب، ففيه خلاف عندهم: قيل: يجوز. وقيل: لا يجوز. والخلاصة أنهم يوافقون الجمهور على الإجماع المحكي.
(١) الحج: الآية (٧٨).
(٢) أخرجه أحمد في "مسنده" (٢٤٨٥٥)، (٤١/ ٣٤٩). وحسن إسناده ابن حجر في "تغليق التعليق" (٣/ ٤٣).
(٣) "تكملة المجموع" (١١/ ١٥٩) بتصرف يسير، وينظر: "أسنى المطالب" (٢/ ١٠٤)، "شرح الزرقاني على الموطأ" (٣/ ٣٣٥).
(٤) "المغني" (٦/ ١٥٦)، "الإنصاف" (٥/ ٧٩).
(٥) "المغني" (٦/ ١٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>