كتاب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي - ط الفضيلة

الفصل السادس: مسائل الإجماع في باب السلم - ١٤] تحريم جهالة الأجل في العقد المؤجل - ج: 2 - ص: 618

والحنابلة في رواية عندهم (١)، وهو قول مروي عن أمهات المؤمنين، وابن عمر، وعلي بن أبي طالب، وعلي بن الحسين (٢) وعامر، كل هؤلاء رُوِي عنهم جواز التأجيل إلى العطاء (٣).

واستدل هؤلاء بعدة أدلة، منها:

الأول: عن عبد اللَّه بن عمرو -رضي اللَّه عنهما- أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أمره أن يجهز جيشا، قال عبد اللَّه: وليس عندنا ظهر، قال: فأمره النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يبتاع ظهرا إلى خروج المصَّدَّق، فابتاع عبد اللَّه البعير بالبعيرين وبأبعرة إلى خروج المصدق بأمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (٤).

• وجه الدلالة: أن جَعْل الأجل إلى خروج العطاء ونحوه، كجَعْل الأجل إلى خروج المصَّدق، فهو له وقت معروف عندهم وليس محددا تحديدا فاصلا.

الثاني: أن أوقات العطاء والحصاد والدراس معروفة وليست مجهولة، فيحكم بصحة الأجل إليها (٥).

النتيجة: عدم صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لثبوت الخلاف فيها. ويظهر -واللَّه أعلم- للباحث أن مراد الكاساني بحكاية الإجماع هنا إنما هي عن علماء

---

(١) "المدونة" (٣/ ١٩٦)، "مواهب الجليل" (٤/ ٤٩٢)، الرسالة لأبي زيد القيرواني (٢/ ٨٠)، "الشرح الكبير" للدردير (٣/ ٢٠٥ - ٢٠٦)، والحنابلة نفس المصادر السابقة.
تنبيه: المعتبر عندهم هو وقت الحصاد والدراس والعطاء لا فعله.
(٢) علي بن الحسين بن أبي طالب أبو الحسين زين العابدين، أمه أم ولد اسمها سلامة أو سلافة بنت ملك الفرس وقيل: غزالة، قتل والده وهو مريض وأرادوا قتله لكنهم تركوه لمرضه، لم يخرج من منزله يوم الحرة ولم يقاتل معهم، وكان يقوت مائة أهل بيت بالمدينة في السر. توفي عام (٩٤ هـ). "طبقات ابن سعد" (٥/ ٢١١)، "سير أعلام النبلاء" (٤/ ٣٨٦).
(٣) أخرج هذه الآثار: ابن أبي شيبة في "المصنف" (٥/ ٣٣ - ٣٤)، وضعفها كلها ابن حزم في "المحلى" (٧/ ٣٦٨ - ٣٦٩).
(٤) أخرجه الدارقطني في "سننه" (٢٦١)، (٣/ ٦٩)، والبيهقي في "الكبرى" (١٠٣٠٩)، (٥/ ٢٨٧). وصحح إسناده البيهقي وابن عبد الهادي. "تنقيح تحقيق أحاديث التعليق" (٢/ ٥٢٠).
(٥) "المدونة" (٣/ ١٩٦).