للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو أقل، وأن يكون الثمن حالًّا. قال به ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- وهو رواية عن الإمام أحمد، اختارها: ابن تيمية، وابن القيم (١).

واستدل هؤلاء بعدة أدلة، منها:

الأول: القياس على الثمن في المبيع، قال ابن تيمية: [والدليل على ذلك: أن الثمن يجوز الاعتياض عنه قبل قبضه بالسنة الثابتة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال ابن عمر: كنا نبيع الإبل بالنقيع -والنقيع بالنون هو: سوق المدينة، والبقيع بالباء هو مقبرتها (٢) - قال: كنا نبيع بالذهب، ونقضي الورق، ونبيع بالورق، ونقضي الذهب. فسألت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن ذلك. فقال: "لا بأس إذا كان بسعر يومه، إذا تفرقتما وليس بينكما شيء" (٣). فقد جوَّز النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يعتاضوا عن الدين الذي هو الثمن بغيره، مع أن الثمن مضمون على المشتري لم ينتقل إلى ضمان البائع، فكذلك المبيع الذي هو دين السلم، يجوز بيعه، وإن كان مضمونا على البائع لم ينتقل إلى ضمان المشتري] (٤).

الثاني: أما الاستدلال على أن يكون بقدر قيمته أو أقل منها: فهو من أجل ألَّا


(١) "مجموع الفتاوى" (٢٩/ ٥٠٣ - ٥١٨)، "تهذيب السنن" (٥/ ١١١ - ١١٧)، "الإنصاف" (٥/ ١٠٨ - ١٠٩)، "الفروع" (٤/ ١٨٦). ونقل ابن تيمية وابن القيم عن ابن المنذر تصحيح الأثر الوارد عن ابن عباس.
تنبيه: مما يذكر هنا أن لابن تيمية فتوى صريحة في المسألة، يوافق فيها قول جماهير العلماء في "مجموع الفتاوى" (٢٩/ ٥٠١). فلعله رجع عنها؛ لأنها موافقة للمذهب، ثم إن الذي نسب إليه المخالفة هم تلامذته العارفون بأقواله: كابن القيم وابن مفلح.
(٢) قال ابن الملقن: [البقيع بالباء الموحدة بلا خلاف، وصحف من قال بالنون، ففي رواية البيهقي كنت أبيع الإبل ببقيع الغرقد]. "تحفة المحتاج" (٢/ ٢٣٤). واستظهر ابن باطيش ضبطه بالنون، كما نقله عنه ابن حجر في "التلخيص الحبير" (٣/ ٢٦).
(٣) أخرجه أبو داود (٣٣٤٧)، (٤/ ١٢٤)، والترمذي (١٢٤٢)، (٣/ ٥٤٤)، والنسائي (٤٥٨٩)، (٧/ ٢٨٣)، والبيهقي في "الكبرى" (١٠٢٩٣)، (٥/ ٢٨٤). قال الترمذي: [هذا حديث لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث سماك بن حرب عن سعيد بن جبير عن ابن عمر، وروى داود بن أبي هند هذا الحديث عن سعيد بن جبير عن ابن عمر موقوفا]. وممن رجح وقفه أيضا البيهقي. ينظر: "التلخيص الحبير" (٣/ ٢٦)، "إرواء الغليل" (٥/ ١٧٤).
(٤) "مجموع الفتاوى" (٢٩/ ٥١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>