للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قولهم في المسألة.

٤) وعلى التسليم بوجود الاستقراء لأقوالهم، فإن من الجن من هم من الصحابة، فهل وقفوا على أقوالهم؟

٥) صح عن ابن عباس ما يدل على المنع من الإقالة في السلم، حيث يقول: [إذا أسلفت في شيء إلى أجل مسمى، فجاء ذلك الأجل، ولم تجد الذي أسلفت فيه: فخذ عرضا بأنقص ولا تربح مرتين] ولم يُفْت بالإقالة.

ويمكن الإجابة عن كلامه بما يلي:

١) أن هذه دعوى عارية عن الصحة، فالإجماع قد صح على جواز الإقالة مطلقا كما سبق، بل إن ابن حزم نفسه حكى الاتفاق في المسألة (١).

٢) هناك فرق بين جواز الإقالة في بعض السلم والمنع من بعض وبين مسألتنا، فالمسألة الأولى قد وقع الخلاف فيها بين العلماء، بخلاف الثانية فلم يقع الخلاف فيها، ثم إن المسألة الأولى من منع منها قال بأن السلم في الغالب يزاد فيه في الثمن من أجل التأجيل، فإذا أقاله في البعض، بقي البعض بالباقي من الثمن وبمنفعة الجزء الذي حصلت الإقالة فيه، فلذا منع منه لأجل ذلك، كما لو كان هذا شرطا في ابتداء العقد، بخلاف الإقالة في جميع السلم فإنه مشروط بعدم الزيادة فيه. ولذا عد التهانوي هذا الاستدلال من ابن حزم بأنه ليس من الفقه في شيء (٢).

٣) ثم إنه لا يشترط أن يسأل كل صحابي من الصحابة، وكذا التابعين عن قولهم في المسألة حتى تصح حكاية الإجماع فيها.

٤) ولم يقل أحد من العلماء بالاعتداد بقول أحد من الجن الذين أسلموا في زمن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولازم هذا القول عدم صحة أي إجماع في الدين؛ لأنه لا بد من النظر في أقوال الجن في كل زمان، وهذا متعذر ولم يقل به أحد من العلماء.

٥) أما أثر ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- فكونه لم يفت بالإقالة هنا، لا يعني بحال أنه يقول


(١) "مراتب الإجماع" (ص ١٥٥).
(٢) ينظر: "إعلاء السنن" (١٤/ ٤٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>