للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجلين اقتتلا، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن كان هذا شأنكم، فلا تكروا المزارع" فسمع قوله: "لا تكروا المزارع" (١).

ثم إن من العلماء من أنكر ذلك على رافع، منهم: سالم بن عبد اللَّه بن عمر فقد حدث عنه ابن شهاب أنه قال: سألت سالما عن كراء الأرض بالذهب والفضة؟ فقال: [لا بأس بذلك]، قال فقلت: أرأيت الحديث الذي يُذكر عن رافع بن خديج؟ فقال: [أكثر رافع بن خديج، ولو كانت لي أرض أكريتها] (٢).

وقد ثبت عن رافع أنه أجاز كراء الأرض بالذهب والفضة حين سئل عن ذلك، فقال: [لا بأس بكرائها بالذهب والورق] (٣).

على أن من العلماء من ضعف حديث رافع، وحكم عليه بالاضطراب، كما جاء عن الإمام أحمد أنه قال: [حديث رافع ألوان] وقال: [حديث رافع ضروب] وقال ابن القيم قبل أن ينقل ذلك عن الإمام أحمد: [حديث رافع في غاية الاضطراب والتلون] (٤).

النتيجة: صحة الإجماع في المسألة، وما ذكر من الأقوال فما كان ثابتا صحيحا وهو قليل، فإنه يعتبر شاذ لا يُعْتد به، خاصة وأن ممن حكى الإجماع الإمام أحمد، وهو الذي عرف عنه شدة تورعه عن حكاية الإجماع، ومما يؤكد ذلك أن ابن المنذر نص على عدم الخلاف بين الصحابة في ذلك، فالإجماع في المسألة قديم.

* * *


(١) أخرج هذا اللفظ: أبو داود (٣٣٨٢)، (٤/ ١٣٨)، والنسائي في "المجتبى" (٣٩٢٧)، (٧/ ٥٠)، وابن ماجه (٢٤٦١)، (٤/ ١٠٣). قال الزيلعي: [حديث حسن]. "نصب الراية" (٤/ ١٨٠).
(٢) أخرجه مالك في "الموطأ" (٢/ ٧١١).
(٣) سبق تخريجه.
(٤) "حاشية ابن القيم على مختصر سنن أبي داود" (٩/ ١٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>