للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك ابن حزم من الظاهرية لكنه قال: بأنه لا يقضى للمجعول شيء حتى وإن وقع الشرط على الجعالة، لكن يستحب الوفاء له بالوعد ولا يجب (١).

واستدل هؤلاء: بأن رد الآبق لسيده من باب التعاون على البر والتقوى، والمسلم مأمور بأن يحفظ مال أخيه إذا وجده، ولا يحل له أخذ ماله بغير طيب نفسه فلا شيء له؛ لأنه أتى ما هو فرض عليه، لكن لو أعطاه بطيب نفس لكان حسنا؛ لأنه من باب الوفاء بالوعد، والوفاء بالوعد في هذه الحالة مستحب وليس بواجب (٢).

أما علي -رضي اللَّه عنه- فقد جاء عنه أنه جعل في جُعل الآبق دينارا أو اثني عشر درهما (٣).

أما النخعي: فقد جاء عنه أنه قال: [لا بأس بجعل الآبق] (٤).

فإما أن يقال قد تعارض القولان عنهما، وليس أحدهما بأولى من الآخر، فيسقطان، أو يحمل قولهما المخالف على أنه ينبغي لمن أتى بالعبد الآبق أن لا يأخذ شيئًا لما فيه من التعاون على البر والتقوى.

النتيجة: صحة الإجماع في المسألة؛ وذلك لشذوذ القول المخالف.

* * *


= أبي شيبة في "مصنفه" (٥/ ٢٢٧).
تنبيه: من المالكية من ذكر بأن من العلماء من خالف في المسألة، ولم يذكروا أحدا بعينه، فلعلهم يقصدون بذلك هؤلاء النفر من الصحابة وغيرهم. ينظر: "الذخيرة" (٦/ ٥)، "شرح مختصر خليل" للخرشي (٧/ ٥٩).
(١) "المحلى" (٧/ ٣٣) وما بعدها.
(٢) المصدر السابق.
(٣) أخرجه عنه: ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٥/ ٢٢٦).
(٤) أخرجه عنه: ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٥/ ٢٢٧). وقد رواه عنه إبراهيم بن مهاجر، وهو متكلم فيه. ينظر: "تهذيب التهذيب" (١/ ١٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>