للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه إذا ابتاعه، لم يتبعه، ويتقاعد الشريك عن الشراء، فيستضر المالك (١).

أما ما أورده ابن حزم عن هؤلاء التابعين: فقد ذكر كلامهم قبل هذا الكلام، فقال: [. . . فقال عبد الملك بن يعلى -وهو تابعي قاضي البصرة-: لا يجوز بيع المشاع، روينا ذلك من طريق حماد بن زيد أنا أيوب السختياني قال: رفع إلى عبد الملك بن يعلى -قاضي البصرة- رجل باع نصيبا له غير مقسوم، فلم يجزه، فذكر لمحمد بن سيرين، فرآه غير جائز. وقال محمد بن سيرين: لا بأس بالشريكين يكون بينهما المتاع، أو الشيء الذي لا يكال ولا يوزن، أن يبيعه قبل أن يقاسمه. وقال الحسن: لا يبع منه ولا من غيره حتى يقاسمه، إلا أن يكون لؤلؤة، أو ما لا يقدر على قسمته. وأجاز عثمان البتي بيع المشاع، ولم ير الشفعة للشريك] (٢).

وهذا الكلام فيما يظهر -واللَّه أعلم- إنما هو في حكم بيع المشاع، وليس في حكم الشفعة في العقار، وفرق بين المسألتين، وقد فرق ابن حزم نفسه في هذا فقال: [وها هنا خلاف بين أربعة مواضع: أحدها هل يجوز بيع المشاع أم لا؟ والثاني: هل يكون في بيعه شفعة أم لا؟ . . .] (٣).

فيبقى ما أورده عن عثمان البتِّي فقط، وهو قول -إن صح عنه- فهو شاذ، محجوج بالسنة الصحيحة.

أما الأصم وابن علية: فقد نص العلماء على شذوذ قولهما، وهما أيضا من المعتزلة الذين لا يعتد بخلافهم.

أما ما جاء عن جابر بن زيد: فلعله لم يصح عنه كما ذكر ذلك الدميري (٤) (٥)، ومما يؤيد ذلك أني لم أجده عنه مسندا، ولم يذكره عنه سوى الرافعي (٦).


(١) "المغني" (٧/ ٤٣٥).
(٢) "المحلى" (٨/ ٤ - ٥).
(٣) الموضع السابق.
(٤) عبد العزيز بن أحمد بن سعيد أبو عبد اللَّه الدميري الديريني المصري الشافعي، ولد عام (٦١٢ هـ)، فقيه عالم أديب، غلب عليه التصوف، كان متقشفا مخشوشنا، له مصنفات بديعة، ومنظومات كثيرة، نظم التنبيه، والوجيز، وغريب القرآن، وله تفسير منظوم. توفي عام (٦٩٤ هـ). "طبقات السبكي" (٨/ ١٩٩)، "طبقات ابن شهبة" (٢/ ١٨١).
(٥) "مغني المحتاج" (٣/ ٣٧٣).
(٦) فتح العزيز (١١/ ٣٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>