للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شفعة، ومن كانت غيبته بعيدة فلا شفعة له. وهذا قال به: الحارث العكلي (١) وعثمان البتي (٢).

استدل أصحاب القولين بعدة أدلة، منها:

الأول: عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا شفعة لصغير ولا لغائب" (٣).

الثاني: أن إثبات الشفعة للغائب يوقع الضرر بالمشتري، ويمنع من استقرار ملكه، وكذا تصرفه على حسب اختياره؛ لأنه يخشى أن يؤخذ منه، فلا يثبت له الحق كثبوته للحاضر على التراخي (٤).

ويمكن أن يضاف للقول الثاني: أن هذا الضرر المتوقع منتفٍ في حق من غيبته قريبة، ولذا حكم ببقاء حق الشفعة له دون البعيد.

أما قول النخعي فقد ذكر الطحاوي أن له قولا يوافق قول الجمهور (٥)، ثم إن الراوي عنه مغيرة بن مقسم (٦)، وهو وإن كان ثقة إلا أن الإمام أحمد لين روايته عن إبراهيم (٧).


(١) الحارث بن يزيد العكلي التيمي الكوفي أبو علي، كان فقيها من أصحاب إبراهيم من عليتهم، وهو ثقة، قليل الحديث جدا، قديم الموت. "تهذيب الكمال" (٥/ ٣٠٨)، "تاريخ الإسلام" (٨/ ٧٠).
(٢) "الإشراف" (٦/ ١٥٧)، "مختصر اختلاف العلماء" (٤/ ٢٥١) "المحلى" (٨/ ٢٢)، "المغني" (٧/ ٤٦١)، على أن من العلماء من لم يذكر هذا التفريق عندهما، وإنما جعلوا قولهما كقول النخعي.
(٣) أخرجه ابن ماجه (٢٥٠١)، (٤/ ١٢٧). وفيه ابن البيلماني ومحمد بن الحارث وهما ضعيفان. "الكامل" لابن عدي (٦/ ١٨٠)، و"المجروحين" (٢/ ٢٦٥)، و"ميزان الاعتدال" (٦/ ٢٢٦). وقال أبو زرعة: [هذا حديث منكر لا أعلم أحدا قال بهذا، الغائب له شفعة، والصبي حتى يكبر]. "العلل" لابن أبي حاتم (١/ ٤٧٩).
(٤) "المغني" (٧/ ٤٦١) بتصرف يسير.
(٥) "مختصر اختلاف العلماء" (٤/ ٢٥١).
(٦) المغيرة بن مقسم الضبي مولاهم أبو هشام الكوفي، الفقيه الأعمى، كان صاحب سنة ذكيا حافظا، قال ابن عياش: [ما رأيت أحدا أفقه من مغيرة فلزمته]. توفي عام (١٣٣ هـ). "تهذيب الكمال" (٢٨/ ٣٩٧)، "طبقات المدلسين" (ص ٤٦).
(٧) "المغني" في الضعفاء (٢/ ٦٧٣)، "تذكرة الحفاظ" (١/ ١٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>