للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأيي ولا آلو، فضرب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صدره وقال: "الحمد للَّه الذي وفق رسول رسول اللَّه لما يرضي اللَّه ورسوله" (١).

• وجه الدلالة: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أقر معاذًا لمّا سأله عن الأدلة المعمول بها، وأهمل ذكر الإجماع، ولو كان الإجماع معتبرًا لما أقره على إهماله (٢).

٢ - عن أبي هريرة (٣) -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "بدأ الإسلام غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ، فطوبى للغرباء" (٤).

• وجه الدلالة: هذا دليل على أنه يجوز خلو العصر ممن تقوم به الحجة (٥).

ثالثًا: من المعقول: أن أُمة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- أُمة من الأمم، فلا يكون إجماعهم حجة، كغيرهم من الأمم (٦).

• الترجيح: أولًا: مذهب أهل السنة والجماعة القائل بحجية الإجماع الصريح يجب القول به، وعدم النظر لخلاف أهل البدع في القول بأن الإجماع ليس حجة.

ثانيًا: يعتبر الإجماع الصريح حجة في كل وقت، ولا يختص ذلك بعصر الصحابة فقط؛ لما يأتي:

١ - أفادت النصوص التي استدل بها الجمهور عصمة الأمة إذا أجمعت على قول، فمتى ثبت إجماع الأمة على قول وجب المصير إليه.

٢ - أنه لا يصح حصر الإجماع بعصر الصحابة -رضي اللَّه عنهم- دون غيره من العصور؛ لأن أدلة


(١) أخرجه أبو داود (٣٥٩٢) (٣/ ٣٠٣)، والترمذي (١٣٣٢) (٣/ ٦٢). قال الترمذي: هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وليس إسناده عندي بمتصل. وقال ابن الجوزي: هذا حديث لا يصح؛ وإن كان الفقهاء كلهم يذكرونه في كتبهم ويعتمدون عليه، وإن كان معناه صحيحًا. انظر: "العلل المتناهية" (٢/ ٧٥٨). وقال ابن حجر: فيه الحارث بن عمرو؛ وهو مجهول. انظر: "التلخيص الحبير" (٤/ ٢٨٣).
(٢) "الإحكام" للآمدي (١/ ٢٦١)، و"شرح العضد" (٢/ ٣٣).
(٣) هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي، صاحب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأكثرهم حديثًا عنه، اختلف في اسمه اختلافًا كثيرًا، استعمله عمر على البحرين، ثم عزله، ثم أراده على العمل فامتنع، سكن المدينة، وبها مات، سنة (٥٧ هـ)، وقيل: (٥٨ هـ) انظر في ترجمته: "أسد الغابة" (٦/ ٣١٣)، و"الإصابة" (٧/ ٣٤٨).
(٤) أخرجه مسلم (١٤٥) "شرح النووي" (٢/ ١٤٤).
(٥) "الإحكام" للآمدي (١/ ٢٦١).
(٦) "الإحكام" للآمدي (١/ ٢٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>