للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو بكر وعمر، فهابا أن يكلماه، وفي القوم رجل في يديه طول؛ يقال له ذو اليدين (١)، قال: يا رسول اللَّه، أنسيت، أم قصرت الصلاة؟ قال: "لم أنس، ولم تقصر"، فقال: "أكما يقول ذو اليدين؟ " فقالوا: نعم. فتقدم، فصلى ما ترك، ثم سلم، ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه، وكبر، ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه وكبر، ثم سلم فيقول: نبئت أن عمران بن حصين (٢) قال: ثم سلَّم (٣).

• وجه الدلالة: أن السكوت لو كان حجة ما استنطق النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- الناس بصدق ما يقول ذو اليدين (٤).

٢ - أن السكوت كما يكون للموافقة، فقد يكون للمهابة من إظهار الخلاف، أو أنه لم يجتهد بعد في حكم الواقعة، أو اجتهد ولم يؤده اجتهاده إلى شيء، أو أداه لشيء مخالف، فلم يظهره؛ للتروي، أو أن القائل مجتهد، وكل مجتهد مصيب، ومع هذه الاحتمالات فلا يكون سكوت من سكت مع انتشار قول المجتهد إجماعًا أو حجة (٥).

القول الثالث: أن الإجماع السكوتي حجة، وليس إجماعًا (٦). وهو قول الكرخي (٧) من الحنفية (٨)، . . . . . . .


(١) ذو اليدين رجل من بني سليم يقال له: الخرباق، وقيل: يقال له: ذو الشمالين، وفرّق بينهما ابن حجر وابن عبد البر، فإن ذا الشمالين استشهد في بدر، وذو اليدين عاش حتى روى عنه المتأخرون من التابعين. انظر في ترجمته: "الاستيعاب" (٢/ ٤٧٥)، و"الإصابة" (٢/ ٣٥٩).
(٢) هو أبو نجيد عمران بن حصين الخزاعي، أسلم عام خيبر، وغزا مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- غزوات، بعثه عمر إلى البصرة ليفقه أهلها، وكان من فضلاء الصحابة، استقضاه عبد اللَّه بن عامر على البصرة، وكان مجاب الدعوة، ولم يشهد الفتنة، توفي بالبصرة سنة (٥٢ هـ). انظر في ترجمته: "أسد الغابة" (٤/ ٢٦٩)، و"الإصابة" (٤/ ٥٨٤).
(٣) أخرجه البخاري (٤٨٢) (١/ ١٤٠)، ومسلم (٥٧٢) "شرح النووي" (٥/ ٥٩).
(٤) "كشف الأسرار" (٣/ ٣٤١).
(٥) "كشف الأسرار" (٣/ ٣٤١)، و"الإحكام" للآمدي (١/ ٣١٣).
(٦) قال الشوكاني: ولم يصر أحد إلى عكس هذا القول، يعني أنه إجماع وليس حجة. انظر: "إرشاد الفحول" (ص ١٥٣).
(٧) هو أبو الحسن عبيد اللَّه بن الحسين بن دلَّال بن دلهم الكرخي، انتهت إليه رئاسة الحنفية، أخذ عنه الجصاص. والدامغاني، وأبو علي الشاشي، كان كثير العبادة، صبورًا على الفقر والحاجة، واسع العلم والرواية، توفي سنة (٣٤٠ هـ). انظر في ترجمته: "الجواهر المضية" (٢/ ٤٩٦)، و"تاج التراجم" (ص ١٤١).
(٨) "كشف الأسرار" (٣/ ٣٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>