للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن لم يكونوا من أهل الاجتهاد في غيره" (١). وقال ابن قدامة: (ولا اختلاف في اعتبار علماء العصر من أهل الاجتهاد في الإجماع" (٢). وقال أيضًا: (ومن لا يعرف من العلم ما لا أثر له في معرفة الحكم -كأهل الكلام واللغة والنحو ودقائق الحساب- فهو كالعامي لا يعتد بخلافه" (٣).

الشرط الثالث: أن يصدر الإجماع من جميع مجتهدي العصر: معنى هذا الشرط: أنه إذا خالف الإجماعَ واحدٌ أو اثنان من علماء ذلك العصر الذي وقع فيه حكم الحادثة؛ فهل يعد خلافه خرقًا للإجماع؟ خلاف على قولين:

القول الأول: ذهب الجمهور إلى أن الأقل إن خالف فإن قول الباقين لا يعد إجماعًا (٤).

• أدلة هذا القول:

١ - أن العصمة إنما ثبتت للأمة بكليتها، وإذا قال الأكثر بقول وخالفهم الواحد أو الاثنان فليس بقول الجميع، بل هو مختلف فيه (٥).

٢ - أن الصحابة -رضي اللَّه عنهم- قد أجمعوا على تجويز مخالفة الآحاد منهم؛ فانفرد ابن مسعود بخمس في الفرائض، وابن عباس بمثلها، فسوغوا لهما الخلاف، ولو كان العبرة في الإجماع بقول الأكثر لما ساغ خلافهم (٦).

القول الثاني: أن العبرة في الإجماع هو قول الأكثر، في رواية عن الإمام أحمد (٧)، وهو قول محمد بن جرير الطبري (٨)، والجصاص من الحنفية (٩)، وابن خويز


= في العلوم الشرعية، وصنّف في فنون كثيرة؛ في علم الكلام، والفقه، والأصول والتفسير، وندم على دخوله في علم الكلام، توفي سنة (٦٠٦ هـ). انظر في ترجمته: "طبقات الشافعية" للسبكي (٤/ ٢٨٣)، و"طبقات ابن قاضي شهبة" (١/ ٣٩٦).
(١) "المحصول" (٢/ ٢٨١).
(٢) "روضة الناظر" (ص ١٣١).
(٣) "روضة الناظر" (ص ١٣٢).
(٤) "مسلم الثبوت" (٢/ ٢٢٢)، و"تيسير التحرير" (٣/ ٢٣٦)، و"أحكام الفصول" (١/ ٤٦٧)، و"شرح تنقيح الفصول" (ص ٣٣٦)، و"البحر المحيط" (٤/ ٤٧٦)، و"الإحكام" للآمدي (١/ ٢٩٤)، و"روضة الناظر" (ص ١٣٦)، و"العدة" (٤/ ١١١٧).
(٥) "بذل النظر" (ص ٥٤٠)، و"روضة الناظر" (ص ١٣٦)، و"قواطع الأدلة" (٣/ ٣٠٩).
(٦) "الإحكام" للآمدي (١/ ٢٩٤)، و"روضة الناظر" (ص ١٣٦).
(٧) "الواضح في أصول الفقه" (٥/ ١٣٥)، و"شرح مختصر الروضة" (٣/ ٥٣).
(٨) "الإحكام" للآمدي (١/ ٢٩٤)، و"روضة الناظر" (ص ١٣٦).
(٩) "الفصول في الأصول" للجصاص (٣/ ٢٩٦)، و"أصول السرخسي" (١/ ٣١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>