للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منداد (١) من المالكية (٢)، وأبي الحسين الخياط (٣) من المعتزلة (٤).

• أدلة هذا القول:

١ - أن مخالفة الواحد شذوذ، وقد ورد النهي عن الشذوذ (٥) بقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "عليكم بالسواد الأعظم"، وقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يد اللَّه مع الجماعة، ومن شذ شذ في النار" (٦).

٢ - أن لفظ "المؤمنين"، و"الأمة"، الواردين في الأحاديث الدالة على عصمة الأُمة يراد بهما ما يصدق عليه الأكثر منهم، كما يقال: بنو تميم يحمون الجار، ويكرمون الضيف، والمراد به أكثرهم لا كلهم (٧).

٣ - أن الأمة اعتمدت الإجماع على خلافة أبي بكر -رضي اللَّه عنه- لمّا اتفق عليه الأكثرون، وإن خالف في ذلك آحاد من الصحابة على خلافته (٨).

• الترجيح: يترجح لدي القول بأن خلاف الواحد أو الاثنين يعد خرقًا للإجماع، لما ثبت من خلاف أحد الصحابة لقول عامتهم، واعتبار خلافه من قِبَلِهم.

• ويجب التنبيه إلى أن قول الأكثر أولى بالإتباع إذا انتفى الإجماع في حكم المسألة؛ وذلك إذا لم يظهر الحق مع الأقل.

الشرط الرابع: اعتبار انقراض العصر في تحقق الإجماع: إذا أجمع المجتهدون على حكم مسألة، فهل يشترط أن يبقى رأيهم واحدًا لا يختلف ما دام القائل بهذا القول حيًّا، وإذا رجع عن قوله، فهل رجوعه خرق للإجماع؟ خلاف على أقوال، أذكر منها


(١) هو أبو عبد اللَّه محمد بن أحمد بن عبد اللَّه بن خويز منداد، أخذ عن الأبهري، وله اختيارات خالف فيها الإمام مالكًا كثيرا، قالوا عنه: لم يكن جيد النظر، ولا قوي الفقه، وليس له في علماء المالكية بالعراق ذكر، لم يذكر من ترجم له تاريخ وفاته. انظر في ترجمته: "ترتيب المدارك" (٤/ ٥٨٥)، و"شجرة النور الزكية" (١/ ١٥٤).
(٢) "أحكام الفصول" (١/ ٤٦٧).
(٣) هو أبو الحسين عبد الرحيم بن محمد بن عثمان الخياط، رأس فرقة الخياطية من المعتزلة، إليه ينسبون، له كتاب: "الانتصار" في الرد على ابن الراوندي، توفي سنة (٣٠٠)، وقيل: (٢٩٠ هـ). انظر في ترجمته: "تاريخ بغداد" (١١/ ٨٧)، و"الفرق بين الفِرق" (ص ١٣٦).
(٤) "الإحكام" للآمدي (١/ ٢٩٤)، و"المعتمد" (٢/ ٤٨٦).
(٥) "روضة الناظر" (ص ١٣٦).
(٦) سبق تخريج هذين الحديثين.
(٧) "الإحكام" للآمدي (١/ ٢٩٦)، و"الإبهاج" (٢/ ٣٨٨).
(٨) "الإحكام" للآمدي (١/ ٢٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>