للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثلاثة لأهميتها:

القول الأول: لا يشترط انقراض عصر المجمعين في تحقق الإجماع؛ فلو وقع الإجماع ولو لحظة واحدة فقد تحقق. وهو قول الحنفية (١)، والمالكية (٢)، والأصح عند الإمام الشافعي، وقول كثير من الشافعية (٣)، والإمام أحمد في رواية عنه (٤).

• أدلة هذا القول:

١ - أنه لا يجوز رجوع المجتهد فيما أجمع عليه، فيكون قوله حجة عليه، كما لا يصح أن يخالف النص (٥).

٢ - أن الحكم الثابت بالإجماع كالحكم الثابت بالنص، وكما أن الحكم الثابت بالنص لا يختص بوقت دون وقت، فكذلك الحكم الثابت بالإجماع (٦).

٣ - لو شرط انقراض العصر لم يتصور وقوع إجماع أبدًا؛ فإن بعض التابعين قد زاحم الصحابة في الفتوى، وهكذا بعض تابعي التابعين زاحم بعض التابعين، فالقول به يؤدي إلى سد باب الإجماع، وهذا باطل (٧).

القول الثاني: أنه يشترط انقراض العصر، فإذا أجمع المجتهدون على حكم واقعة، ثم رجع أحدهم عن قوله فقد انحل الإجماع، وهو أحد قولي الإمام الشافعي (٨)، وقول الإمام أحمد في رواية عنه (٩)، وأبي بكر بن فورك (١٠) (١١).

• أدلة هذا القول:

١ - قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: ١٤٣]. • وجه الدلالة: جعل اللَّه سبحانه وتعالى الأمة


(١) "أصول السرخسي" (١/ ٣١٥).
(٢) "شرح تنقيح الفصول" (ص ٣٣٠)، و"أحكام الفصول" (١/ ٤٧٣).
(٣) "الإحكام" للآمدي (١/ ٣١٦)، و"البحر المحيط" (٤/ ٥١٩).
(٤) "التمهيد" (٣/ ٣٤٦)، و"المسودة" (ص ٣٢٩).
(٥) "العدة" (٤/ ١٠٩٨) و"أصول السرخسي" (١/ ٣١٥).
(٦) "أصول السرخسي" (١/ ٣١٥).
(٧) "أصول السرخسي" (١/ ٣١٥)، و"الإحكام" للآمدي (١/ ٣١٨).
(٨) "الإحكام" للآمدي (١/ ٣١٧).
(٩) "العدة" (٤/ ١٠٩٥)، و"التمهيد" (٣/ ٣٤٦).
(١٠) "الإحكام" للآمدي (١/ ٣١٧).
(١١) هو أبو بكر محمد بن الحسن بن فُورَك -بضم الفاء، وفتح الراء- الأصبهاني، المتكلم، الأصولي، الفقيه، الواعظ، أقام في العراق مدة يدرِّس، ثم انتقل إلى نيسابور، وبنى له فيها مدرسة، مات مسمومًا سنة (٤٠٦ هـ). انظر في ترجمته: "طبقات الشافعية" للسبكي (٢/ ٤٢٤)، و"طبقات ابن قاضي شهبة" (١/ ١٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>