للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• أدلة هذا القول:

١ - أن المجتهد الفاسق من أهل الحل والعقد، وهو داخل في مفهوم لفظ "المؤمنين" في قوله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: ١١٥]، وفي لفظ "الأمة" في قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تجتمع أمتي على ضلالة" (١)، المشهود لهم بالعصمة (٢).

٢ - أن فسق الفاسق غير مخل بأهليته في الاجتهاد، والظاهر من حاله الصدق فيما يخبر به عن اجتهاده، كإخبار غيره من المجتهدين (٣).

القول الثالث: أنه إذا أظهر خلافه يُسأل عن دليله، فإن كان صالحًا اعتبر خلافه، وإن كان دليله غير صالح فلا يعتبر خلافه، وينعقد الإجماع بدونه. وهذا اختيار السمعاني (٤) من الشافعية (٥).

• دليل هذا القول: قد يحمل الفسقُ صاحبَه على اعتقاد شرع من غير دليل، فإذا أظهر من استدلاله ما يصلح أن يكون دليلًا فإن الإجماع لا ينعقد بدونه ولو كان فاسقًا، فإن كان دليله غير صالح للاستدلال فلا يعتبر خلافه، ولا ينخرم الإجماع بخلافه (٦).

• الترجيح:

١ - يجب التفريق بين من كان فسقه بسبب بدعته، كالخارجي، والرافضي، فهؤلاء لا يعتد بخلافهم مع أهل السنة والجماعة.

٢ - أما من كان فسقه بسبب معصية لا توصله لدرجة الابتداع، فهذا من الأمة، ومن المؤمنين الذين جاءت بذكرهم النصوص، فيجب أن يعتبر قوله، فإن كان موافقًا تحقق بقوله الإجماع، وإن خالف فلا ينعقد الإجماع بدونه.

* * *


(١) سبق تخريجه.
(٢) "الإحكام" للآمدي (١/ ٢٨٧)، و"الإبهاج" (٢/ ٣٨٦).
(٣) "الإحكام" للآمدي (١/ ٢٨٧).
(٤) هو أبو المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار التميمي الشافعي، المشهور بالسمعاني، كان فقيهًا، أصوليًّا، صنّف التصانيف؛ منها: "قواطع الأدلة" في الأصول، والأوسط، و"البرهان" في الفروع، توفي سنة (٤٨٩ هـ). انظر في ترجمته: "طبقات الشافعية" للسبكي (٣/ ٢٧٨)، و"طبقات ابن قاضي شهبة" (١/ ٢٤٩).
(٥) "قواطع الأدلة" (١/ ٤٨٢).
(٦) "قواطع الأدلة" (١/ ٤٨٢)، و"تيسير التحرير" (٣/ ٢٣٩)، و"شرح الكوكب المنير" (٢/ ٢٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>