للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• أدلة هذا القول:

١ - أن هذا المخالف من التابعين تناولته النصوص، بكونه من المؤمنين، وبكونه من الأمة، فكان قوله مؤثرًا ومعتبرًا في الإجماع (١).

٢ - أن الصحابة -رضي اللَّه عنهم- قد سوغوا اجتهاد التابعين، ولم ينكروا عليهم، وهذه أمثلة على ذلك:

أ - روى أبو سلمة (٢) بن عبد الرحمن بن عوف قال: تذاكرت أنا وابن عباس (٣) وأبو هريرة في عدة الحامل المتوفى عنها زوجها، فقال ابن عباس: أبعد الأجلين، وقلت أنا: عدتها أن تضع حملها، وقال أبو هريرة: أنا مع ابن أخي (٤).

ب - أن عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- لما ولّى شريحًا القضاء قال له: "اقض بما في كتاب اللَّه، فإن لم تجد فبما سنّه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإن لم تجد فبما قضى به الصالحون قبلك، فإن جاء أمر ليس في كتاب اللَّه، ولا قضى به نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا قضى به الصالحون، فليجتهد رأيه" (٥).

ت - أن عليًّا تخاصم إلى شريح في درعه الذي فقده بصفين، ولم يقبل شريح شهادة ابن علي لأبيه، فقبل علي قوله، مع أنه يرى خلافه (٦).

ث - وسُئل ابن عمر عن فريضة فقال: سلوا عنها سعيد بن جبير (٧) فإنه أعلم بها


(١) "بذل النظر" (ص ٥٤٣).
(٢) هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، المدني، أحد الأئمة الكبار، وكان من بحور العلم، اختلف في وفاته، فقيل: توفي سنة (٩٤)، وقيل: سنة (١٠٤ هـ). انظر في ترجمته: "طبقات الفقهاء" (ص ٤٤)، و"شذرات الذهب" (١/ ١٠٥).
(٣) هو عبد اللَّه بن العباس بن عبد المطلب، ابن عم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، حبر الأمة، وترجمان القرآن، ولد قبل الهجرة بثلاث سنوات، والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه محاصرون في الشعب، فحنكه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بريقه، توفي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وعمره ١٣ سنة، عمي في آخر عمره، وتوفي بالطائف سنة (٦٨ هـ). انظر في ترجمته: "أسد الغابة" (٣/ ٢٩١)، و"الإصابة" (٤/ ١٢١).
(٤) أخرجه البخاري (٤٩٠٩) (٦/ ٧٩)، ومسلم (١٤٨٥) "شرح النووي" (١٠/ ٩٩).
(٥) سبق تخريجه.
(٦) أخرجه البيهقي في "الكبرى" (١٠/ ١٣٦).
(٧) هو أبو عبد اللَّه سعيد بن جبير بن هشام الأسدي بالولاء، أحد أئمة التابعين، أخذ العلم عن ابن عباس، وابن عمر، وآخرين، وحدّث في حياة ابن عباس بإذنه، كان من أعلم الناس بالتفسير، فقيهًا، مقرئًا، قتله الحجاج بن يوسف سنة (٩٥ هـ). انظر في ترجمته: "طبقات الفقهاء" (ص ٨٢)، و"شذرات الذهب" (١/ ١٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>