للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قال أصحاب هذا القول في توجيه استدلالهم: الوطء إنما يجوز بالعقد، وليس بالإذن المجرد عنه، بل قالوا: إنه لم يرد لفظ النكاح في القرآن إلا بمعنى التزويج (١).

• وقال الراغب الأصفهاني (٢): "أصل النكاح للعقد، ثم استعير للجماع، ومحال أن يكون في الأصل للجماع ثم استعير للعقد؛ لأن أسماء الجماع كلها كنايات؛ لاستقباحهم ذكره كاستقباحهم تعاطيه، ومحال أن يستعير من لا يقصد فحشًا اسم ما يستفظعونه لما يستحسنونه" (٣).

ثانيًا: أنه يصح نفي النكاح عن الوطء، فيقال في الزنى سفاح لا نكاح، وصحة النفي دليل المجاز (٤).

ثالثًا: أن الذهن لا ينصرف إلا إليه عند الإطلاق، فاشتهر استعمال لفظ النكاح بإزاء العقد في الكتاب والسنة ولسان أهل العرف (٥).

رابعًا: أن النكاح أحد اللفظين اللذين ينعقد بهما عقد النكاح، فكان حقيقة فيه، كاللفظ الآخر (٦).

• قالوا: ولا ينتقض بما ورد في قوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٣٠]، فإن معناه حتى تتزوج أي: يعقد عليها (٧). وقد ثبت مفهوم


= هذا عن ابن جريج إلا ابن علية، ورواية ابن علية عن ابن جريج ضعيفة. وأعل الحكاية عن ابن جريج: ابن حبان، وابن عدي، وابن عبد البر، والحاكم، وغيرهم، وأجابوا على تقدير الصحة بأنه لا يلزم من نسيان الزهري لهذا الحديث أن يكون سليمان بن موسى - الراوي عن الزهري - وَهِمَ فيه. انظر: "التلخيص الحبير" (٣/ ١٥٦ - ١٥٧).
(١) "المغني" (٩/ ٣٣٩)، "فتح الباري" (٩/ ١٠٣)، و"كشاف القناع" (٥/ ٥).
(٢) هو أبو القاسم الحسين بن محمد بن المفضل الأصفهاني، المعروف بالراغب، انتقل إلى بغداد وسكنها، وكان معاصرًا للإمام الغزالي، ويقارن به، صنف عدة من المصنفات؛ منها: "المفردات في غريب القرآن"، "محاضرات الأدباء"، وغير ذلك، توفي سنة (٥٠٢ هـ). انظر في ترجمته: "روضات الجنات" (ص ٢٤٩).
(٣) "المفردات في غريب القرآن" (ص ٨٢٣).
(٤) "المغني" (٩/ ٣٣٩)، و"المبدع" (٦/ ٨١)، و"مغني المحتاج" (٤/ ٢٠١).
(٥) "المغني" (٩/ ٣٣٩)، و"كشاف القناع" (٥/ ٥).
(٦) "المغني" (٩/ ٣٤٩).
(٧) "فتح الباري" (٩/ ١٠٣)، وانظر: "شرح الزرقاني على الموطأ" (٣/ ١٢٤)، و"مغني المحتاج" (٤/ ٢٠٠)، و"كشاف القناع" (٥/ ٥)، و"نيل الأوطار" (٦/ ٢١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>