للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - ومما استدل به على أن المنهي عنه في حال الركون والموافقة للخاطب الأول: حديث فاطمة بنت قيس -رضي اللَّه عنها- (١)، قالت: ذكرت للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أن معاوية بن أبي سفيان (٢)، وأبا جهم (٣) خطباني، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له، انكحي أسامة بن زيد" فكرهتهُ. ثم قال: "انكحي أسامة"، فنكحته، فجعل اللَّه فيه خيرًا، واغتبطتُ (٤).

• وجه الدلالة: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- خطب لأسامة بن زيد على خطبتهما، وذلك أنها لم تجب أيًّا منهما، ولو كانت قد أجابت أيًّا منهما؛ ما كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ليفعل ما يَنْهى عنه، وأن فاطمة لم تخبره برضاها بواحد منهما، فلو أخبرته؛ لم يشر عليها بغير الذي ذكرَت (٥).

٤ - وفي خطبة الرجل على خطبة أخيه إفساد على الخاطب الأول، وإيقاع للعداوة بين الناس (٦).

النتيجة: تحقق الإجماع على أنه يحرم أن يخطب الرجل على خِطبة أخيه، حتى يدع؛ وذلك لعدم وجود مخالف.


(١) هي فاطمة بنت قيس بن خالد الفهرية القرشية، أخت الضحاك بن قيس، كانت من المهاجرات الأول، لها عقل وكمال، وهي التي طلقها أبو حفص بن المغيرة، فأمرها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم، وتزوجت بعده أسامة بن زيد. انظر ترجمتها في: "أسد الغابة" (٧/ ٢٢٤)، و"الإصابة" (٨/ ٢٧٦).
(٢) هو معاوية بن صخر بن حرب: "الأموي القرشي، أسلم عام الفتح، شهد مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- حنينًا، وكان مع أخيه يزيد حين سيره أبو بكر إلى الشام، فلما مات يزيد استخلفه بعده، فلم يزل واليًا على الشام إلى أن مات عثمان، واستقل بالشام زمن الفتنة، تولى الخلافة بعد الحسن بن علي، مات سنة (٦٠ هـ). انظر ترجمته في: "أسد الغابة" (٥/ ٢٠١)، و"الإصابة" (٦/ ١٢٠).
(٣) هو أبو جهم بن حذيفة العدوي القرشي، قيل: اسمه عامر، وقيل: عبيد، أسلم عام الفتح، وصحب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكان معظّمًا في قريش مقدمًا فيهم، عالمًا بالنسب، وكان من المعمرين؛ حيث شهد بناء الكعبة مرتين؛ مرة في الجاهلية، ومرة في عهد ابن الزبير. انظر ترجمته في: "أسد الغابة" (٦/ ٥٦)، و"الإصابة" (٧/ ٦٠).
(٤) أخرجه مسلم (١٤٨٠) "شرح النووي" (١٠/ ٧٨).
(٥) "الأم" (٥/ ٢٤٢)، و"سنن الترمذي" (٢/ ٣٧٢)، و"الاستذكار" (٩/ ٣٨٢).
(٦) "المغني" (٩/ ٥٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>