للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• الخلاف في المسألة: أولًا: قال الإمام أبو حنيفة، ومحمد بن الحسن (١)، والشافعية (٢): يجوز للزاني وغيره أن ينكحها، وإن كانت حاملًا، فإن كان الحمل منه فلا يستبرئها، بل له أن يجامعها، وإن كان الحمل من غيره فلا يطأها حتى تضع.

• أدلة هذا القول:

١ - قال تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: ٢٤]

• وجه الدلالة: الآية عامة فلم تفرق بين العفيفة والزانية، فيحل نكاحها عندئذٍ للزاني ولغيره (٣).

٢ - عن ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا يحرّم الحرام الحلال" (٤).

• وجه الدلالة: هذا نص، وهو منتشر بين الصحابة بالإجماع، فدل الحديث على أن الحرام كالزنى ونحوه، لا يحرّم الحلال الذي أباحه اللَّه كالنكاح ونحوه (٥).

٣ - عن عائشة -رضي اللَّه عنها-: قالت: عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "الولد للفراش، وللعاهر الحجر" (٦).

• وجه الدلالة: حرمة ماء الرجل إذا كان حملًا ثابت النسب، ولا حرمة لماء الزنى، فلما لم يكن له حرمة جاز النكاح (٧).

ثانيًا: ذهب الحنابلة (٨)، وابن حزم (٩)، إلى أنه لا يحل للزانية أن تتزوج حتى تتوب، وتنقضي عدتها. وهو قول قتادة، وأبي عبيد، وإسحاق (١٠).

• أدلة هذا القول:

١ - قوله تعالى: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (٣)} [النور: ٣].

• وجه الدلالة: حرم اللَّه سبحانه وتعالى أن ينكح الزاني زانية، ولا يرتفع الحكم عنها إلا بالتوبة، فإذا تابت حل نكاحها، فإن هذا خبر، ومعناه النهي عن نكاح الزانية (١١).


(١) "بدائع الصنائع" (٣/ ٤٥٣)، "فتح القدير" (٣/ ٢٤١)، "البناية شرح الهداية" (٤/ ٥٥٩).
(٢) "الحاوي" (١١/ ٢٥٧)، (٢٦١)، "التهذيب للبغوي" (٥/ ٣٣٤).
(٣) "المغني" (٩/ ٥٦٥)، "البناية شرح الهداية" (٤/ ٥٥٩).
(٤) سبق تخريجه.
(٥) "الحاوي" (١١/ ٢٥٨).
(٦) أخرجه البخاري (٤٣٠٣) (٥/ ١١٣)، ومسلم (١٤٥٧)، "شرح النووي" (١٠/ ٣٢).
(٧) بدائع الصنائع" (٣/ ٤٥٣).
(٨) "الإنصاف" (٨/ ١٣٢)، "كشاف القناع" (٥/ ٨٣).
(٩) "المحلى" (٩/ ٦٣).
(١٠) "الإشراف" (١/ ٨٤).
(١١) "المغني" (٩/ ٥٦٣)، "كشاف القناع" (٥/ ٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>